للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ماله، وإجازة المجنون غير معتبرة؛ لأنه لا قصد له، ولا إرادة له، ولا عقل له، وإجازة السفيه ـ وهو الذي لا يحسن التصرف في المال ـ لا عبرة بها.

وقوله: «بعد الموت» متعلق بـ: «إجازة» يعني إلا إذا أجازها الورثة بعد الموت، فإن أجازوها قبل الموت فلا عبرة بإجازتهم؛ لأنهم لم يملكوا المال بعد حتى يملكوا التبرع بشيء منه؛ لأن الإجازة معناها التبرع، ولأن هذا الوارث اليوم قد يكون هو الموروث، فكثيراً ما يكون رجل صحيح وآخر مدنِف فيموت الأول قبل الثاني، فلا يعتد بإجازتهم إلا إذا كانت بعد الموت.

وعلى هذا فلو أن المريض لما رأى دنو أجله جمع الورثة وقال لهم: أنا مالي مائة ألف، وأنا أرغب أن أوصي ببناء مسجد، وبناء المسجد يكلف خمسين ألفاً فهل تسمحون؟ فقالوا: نعم نسمح، ثم مات، فهل يُنَفذ بناء المسجد؟

الجواب: ينفذ منه ما لا يزيد على الثلث، وأما ما زاد على الثلث فلا، فإن قال قائل: هؤلاء سمحوا وأذنوا، فالجواب: أنهم أذنوا قبل أن يملكوا المال؛ لأنهم لا يملكون المال إلا بعد موت المورِّث، فإذنهم وإذن من لم يكن وارثاً على حد سواء؛ لأنهم الآن غير وارثين ولا مالكين للمال، ولا يعلم، فربما أن هذا المريض الذي يُخشَى أن أجله قريب، يموت الأصحاء قبله، وهذا يقع كثيراً.

القول الثاني: أن إجازتهم قبل الموت معتبرة مطلقاً.

القول الثالث: التفصيل أنه إذا كان مرضه مرضاً مخوفاً فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>