للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «ثَمَّ» أي: هناك، ويغلط كثير من الناس حتى من طلبة العلم، فيقولون: ثُم؛ لأن «ثُم» حرف عطف و «ثَم» ظرف، والمعنى ولم يكن في مكان الدعوة منكر.

والمنكر ما أنكره الشرع والعرف، والعبرة بإنكار الشرع، فما أنكره الشرع منكر ولو أقره العرف؛ لأن بعض الأعراف ـ والعياذ بالله ـ تقر المنكرات، وما أنكره الشرع فالعقل السليم والعرف السليم ينكره، ولذلك قال النبي ﷺ: «الإثم ما حاك من نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس» (١)، لأن الناس ينكرونه، وهذا في أناس فطرهم سليمة، ومناهجهم مستقيمة.

أما إذا كان المجيب قادراً على تغيير المنكر، فحينئذٍ يجب عليه الحضور؛ إجابة للدعوة ولتغيير المنكر، مثل أن يدعى رجل له قيمته العلمية، أو له سلطة إلى وليمة فيها الحرام، فيحضر وهو قادر على أن يغير هذا الحرام، فالحضور عليه واجب؛ لأنه قادر على تغيير المنكر، وقد قال النبي ﷺ: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده» (٢).

وأما إذا لم يكن قادراً فالإجابة إلى الوليمة المحرمة حرام، ودليل هذا قوله تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: ٢]، وقال تعالى: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَئُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ


(١) أخرجه مسلم في الأدب/ باب تفسير البر والإثم (٢٥٥٣) عن النواس بن سمعان ﵁.
(٢) أخرجه مسلم في الإيمان/ باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان (٤٩) عن أبي سعيد الخدري ﵁.

<<  <  ج: ص:  >  >>