للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاء في الحديث في الأضحية أن الرسول ﵊ ضحى عنده رجل فقال: «من شاء اقتطع» (١).

وعندي أن في هذا الاستدلال نظراً؛ لأن هذا الرجل ما نثر، وإنما قدمها تقديماً، ورخص للناس بالأكل، كما لو قدم طعاماً، وقال للناس: تفضلوا؛ فهذا ليس بنثار، ففرق بينهما، وهذا لا بأس به، وجرت به العادة.

قوله: «والتقاطه» أي: يكره أخذ المنثور لما فيه من الدناءة، وعند الفقهاء ـ كما سيأتينا في باب الشهادات ـ أن الشهادة يعتبر لها شيئان: الصلاح في الدين، واستعمال المروءة، وعلى هذا فمن ذهب إلى النثارات ليلتقط منها يعتبر ساقط المروءة، فلا تقبل شهادته.

قوله: «ومن أخذه، أو وقع في حجره فله» أي: من أخذ النثار، أو وقع في حجره فهو له، أما من أخذه فظاهر، وأما من وقع في حجره، فلا يخلو من حالين:

الأولى: أن يكون قد أعد حجره لاستقباله، فهذا واضح أنه يكون له.

الثانية: أن لا يكون قد أعد حجره لذلك، بل هو غافل، فهذا ـ أيضاً ـ النثار له، وإن لم يقصد التملك، وعلى هذا فمن أخذه من حجره، فعليه أن يرده إليه، ولو أن أحداً جاء بسرعة فلما رآه أهوى والتقطه، ولو تركه لوقع في حجر الرجل، فهذا


(١) أخرجه أحمد (٤/ ٣٥٠)؛ وأبو داود في المناسك/ باب في الهدي إذا عطب قبل أن يبلغ (١٧٦٥) عن عبد الله بن قرط ﵁، وصححه في الإرواء (١٩٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>