للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن لم يَرَ هو صحة النكاح، لكن قد يكون غيره يرى صحته، فإذا فارقها بدون طلاق، وأتاها إنسان يرى صحة النكاح فلن يتزوجها، فالطلاق يصح في النكاح المختلف فيه وإن لم يَرَ المطلق صحته؛ لأنه إذا لم يطلق فسوف يعطل هذه المرأة.

فإذا قال قائل: لماذا يقع الطلاق وهو لا يرى أن النكاح صحيح والطلاق فرع عليه؟ قلنا: من أجل أن لا يحجزها عن غيره؛ لأنه قد يريدها من يرى أن النكاح صحيح، فإذا لم يطلقها هذا الزوج لن يتزوجها غيره؛ لأنه يرى أنها لا زالت باقية في عصمته، ولهذا قال المؤلف: «ويقع الطلاق في نكاح مختلف فيه» قال في الروض: «ولو لم يره مطلق» (١).

وَمِنَ الغَضْبَانِ، ..................................

قوله: «ومن الغضبان» الغضب فسره أهل الكلام بأنه غليان دم القلب لطلب الانتقام، والظاهر أن هذا التعريف لم يزده إلا جهالة وغموضاً، ولهذا لو قلنا: الغضب معروف لكان أوضح، ويعرف بعلامات أشار إليها النبي حيث قال: «إن الغضب جمرة توقد في قلب الإنسان، ألم تروا إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه؟» (٢)، فعرَّفه النبي بأصله ونتائجه، أصله جمرة يلقيها الشيطان في قلب ابن آدم، حرارة


(١) الروض مع حاشية ابن القاسم (٦/ ٤٩١).
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ١٩)، والترمذي في الفتن/ باب ما جاء ما أخبر النبي أصحابه بما هو كائن إلى يوم القيامة (٢١٩١)، والطبراني في الأوسط (٤/ ١٤٠)، والحاكم (٤/ ٥٥١)، والبيهقي في الشعب (٦/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>