للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقرب إلى كلامه فإن الواجب أن يدين، وإن كان الأمر بالعكس يكون التفصيل السابق؛ لأنه قد يقول: أنا قصدت بقولي: أنت طالق في غد آخر النهار، وعندي قرينة هي أني داعٍ الناس على الغداء، ولا أريد أن تطلقي قبل أن تغديهم، فالحاصل على كل حال إذا وجدت قرينة تؤيد ما قال فلا يطالب.

وَأَنْتِ طالِقٌ إِلَى شَهْرٍ طَلَقَتْ عِنْدَ انْقِضَائِهِ، إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَ فِي الْحَالِ فَيَقَعُ، وَطَالِقٌ إِلَى سَنَةٍ تَطْلُقُ بِاثْنَيْ عَشَرَ شَهْرَاً، فَإِنْ عَرَّفَهَا بِاللاَّمِ طَلَقَتْ بِانْسِلَاخِ ذِي الحِجَّةِ.

قوله: «وأنت طالق إلى شهر» ظاهر اللفظ أن الشهر وقت للطلاق، ومن المعلوم أنه لا يريد أن يجعل للطلاق غاية؛ لأن الطلاق لا غاية له، فلا يوجد طلاق لشهر، وطلاق لأسبوع، وطلاق ليوم! لكن مراده بالغاية ابتداء الطلاق؛ فإذا قال: أنت طالق إلى شهر، فالغاية لابتدائه، أي: يبدأ بعد شهر، وليست لانتهائه، بخلاف ما لو قلت: أجرتك هذا البيت إلى شهر فالغاية للانتهاء، والفرق بين الصورتين: أن الطلاق لا ينتهي، فليس بمؤجل، بخلاف الإجارة، ولهذا قال المؤلف:

«طلقت عند انقضائه» فيحسب الشهر من كلامه إلى أن يتم شهرين.

وإن قال: أنت طالق إلى الشهر بـ «أل» تطلق عند انتهاء الشهر الذي تكلم فيه، ولو لم يبقَ فيه إلا عشرة أيام؛ وذلك أنه لما لم يصح أن يكون للطلاق غاية لآخره صارت الغاية لأوله.

قوله: «إلا أن ينوي في الحال فيقع» إذا قال: أنت طالق إلى شهر، وقصده أن يقع الآن، وأن يستمر إلى شهر، ثم إلى شهر، ثم إلى الأبد فإنه يقع.

<<  <  ج: ص:  >  >>