للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ بِالشُّرُوطِ

قوله: «تعليق الطلاق بالشرط» يعني ترتيبه على شيء حاصل، أو غير حاصل، أي: يحصل في المستقبل بإنْ أو إحدى أخواتها، فإذا قال: إن كنت كلمت زيداً فأنت طالق، هذا على شيء حاصل، وإذا قال: إن كلمت زيداً فأنت طالق، فهذا على شيء غير حاصل، يعني علق طلاقه إما على شيء كان، وإما على شيء يكون.

وتعليق الطلاق بالشروط هل هو معتبر أو لاغٍ؟ يقول بعض العلماء: إنه لاغٍ، وأن الطلاق المعلق بالشرط واقع في الحال، واستدلوا بقول النبي : «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» (١)، ولم يأت الطلاق معلقاً، لا في القرآن، ولا في السنة، وعلى هذا فإذا علقه وقع في الحال، وألغي الشرط.

ولو قال قائل بعكس ذلك؛ أي: أنه لا يقع أبداً بناء على حديث: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» لكان له وجه، والفرق بين هذا القول والقول الأول أن القول الأول يلغي الشرط فقط، وهذا يلغي الجملة كلها.

لكن أكثر العلماء يرون أن تعليق الطلاق بالشروط صحيح؛ لعموم الحديث: «المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرَّم حلالاً» (٢)، وهذا وإن كان فيه شيء من الضعف، لكنه


(١) سبق تخريجه ص (١٣).
(٢) علقه البخاري بصيغة الجزم في الإجارة/ باب أجر السمسرة، ووصله أبو داود في القضاء/ باب المسلمون على شروطهم (٣٥٩٤)، والحاكم (٢/ ٩٢) عن أبي هريرة . وأخرجه الترمذي في الأحكام/ باب ما ذكر عن رسول الله في الصلح بين الناس (١٣٥٢) عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده، وقال: حسن صحيح.
وأخرجه الدارقطني (٣/ ٢٧ ـ ٢٨)، والحاكم (٢/ ٤٩ ـ ٥٠) عن عائشة وأنس بلفظ: «المسلمون عن شروطهم ما وافق الحق»؛ وصححه النووي في المجموع (٩/ ٤٦٤)، والألباني في الإرواء (١٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>