للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحنث؛ لأن البعض ليس كالكل، وهذا فيه بعض من غزلها، وليس فيه كل الغزل.

قوله: «أو لا يشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضه لم يحنث» قال: والله لا أشرب ماء هذا الإناء فشرب بعضاً منه، فإنه لا يحنث؛ لأن البعض ليس كالكل، وقد سبق لنا أن ما كان إيجاباً فإنه يشمل الجميع، والنفي يثبت حتى في البعض، لكن لو قال: والله لا أشرب ماء هذا النهر وشرب بعضه يقول العلماء: إنه يحنث لاستحالة تعلقه بالكل، فغير معقول أن يشرب الإنسان كل النهر، فلما تعذر حمله على الكل ثبت الحكم في بعضه، وهذه قرينة ظاهرة، فكلٌّ يعرف أنه إذا قال: والله ما أشرب ماء هذا النهر أنه لا يقصد شرب مائه كله، فالمهم أنه يفرق بين ما يمكن أن يراد به الكل، وبين ما لا يمكن، فالذي لا يمكن أن يراد به الكل يحمل على البعض، فلو قال: والله لا آكل الخبز، وأكل خبزاً يحنث؛ إذ يستحيل أن يأكل خبز الدنيا كلها، لكن لو قال: والله لا آكل هذه الخبزة فأكل بعضها ما يحنث.

، وَإِنْ فَعَلَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ إِلاَّ أَنْ يَنْوِيَهُ، وَإِنْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ لَمْ يَبَرَّ إِلاَّ بِفِعْلِهِ كُلِّهِ.

قوله: «وإن فعل المحلوف عليه ناسياً أو جاهلاً حنث في طلاق وعتاق فقط» إذا فعل المحلوف عليه ناسياً، مثل أن يقول: والله لا أكلم فلاناً، فنسي فكلَّمه فلا شيء عليه؛ لأن الحنث على اسمه، يعامل معاملة الآثم، وفِعْل ما يأثم به على وجه النسيان لا شيء فيه؛ لقوله تعالى: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]،

<<  <  ج: ص:  >  >>