للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلاَّ إذا دعاه الإمام؟ لأنَّ احتمالَ العُذر فيها كاحتمال العُذر في تارك الصَّلاة تهاوناً وكسلاً، فإما أن نقول بذلك في الجميع؛ أو نترك هذا الشرط في الجميع؛ لعدم الدَّليل على الفرق.

وقال بعض العلماء: يكفرُ بترك فريضةٍ واحدة (١)، ومنهم من قال: بفريضتين (٣٨)، ومنهم من قال: بترك فريضتين إن كانت الثَّانية تُجمع إلى الأولى (٣٨). وعليه؛ فإذا ترك الفجر فإنَّه يكفر بخروج وقتها، وإن ترك الظُّهر، فإنَّه يكفر بخروج وقت صلاة العصر.

والذي يظهر من الأدلَّة: أنَّه لا يكفر إلا بترك الصَّلاة دائماً؛ بمعنى أنَّه وطَّنَ نفسَه على ترك الصَّلاة؛ فلا يُصلِّي ظُهراً، ولا عَصراً، ولا مَغرباً، ولا عِشاء، ولا فَجراً، فهذا هو الذي يكفر.

فإن كان يُصلِّي فرضاً أو فرضين فإنَّه لا يكفر؛ لأنَّ هذا لا يَصْدُقُ عليه أنه ترك الصَّلاة؛ وقد قال النبيُّ : «بين الرَّجُلِ وبين الشِّركِ والكفرِ تَرْكُ الصَّلاة» (٢)، ولم يقل: «تَرَكَ صلاةً». وأما ما رُوي عن النبيِّ أنه قال: «مَنْ تَركَ صلاةً مكتوبةً متعمِّداً فقد بَرئت منه الذِّمَّةُ» (٣)، ففي صحَّته نظر. ولأنَّ الأصلَ


(١) انظر: «المغني» (٣/ ٣٥٤)، «مجموع الفتاوى» (٢٢/ ٦٠)، «الإنصاف» (٣/ ٢٨).
(٢) رواه مسلم، كتاب الإيمان: باب بيان إطلاق اسم الكفر على مَنْ ترك الصَّلاة، رقم (٨٢) من حديث جابر بن عبد الله.
(٣) رواه البخاري في «الأدب المفرد» رقم (١٨)، وابن ماجه، كتاب الفتن: باب الصبر على البلاء، رقم (٤٠٣٤)، والبيهقي في «الشُّعب» رقم (٥٥٨٩) عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء به مرفوعاً.
قال ابن حجر: «في إسناده ضعف». «التلخيص الحبير» رقم (٨١٠).
قال في موضع آخر: «إسناده حسن موصول». «الأمالي المطلقة» ص (٧٤).
قال البوصيري: «إسناده حسن، وشهر مختلف فيه».
قلت: شهر بن حوشب ضعّفه شعبة والنسائي وغيرهما، ووثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان، وحَسَّن أحاديثه أحمد بن حنبل والبخاري. وقال ابن حجر: «صدوق كثير الإرسال والأوهام» «تقريب» ص (٤٤١).
ورواه ابن أبي شيبة بنحوه في «مصنّفه»، كتاب الصلوات: باب في التفريط في الصلاة، رقم (٣٤٤٥) عن أبي قلابة عن أبي الدرداء.
وله شاهد من حديث أميمة مولاة رسول الله رواه الطبراني (٢٤/رقم ٤٧٩) والحاكم (٤/ ٤١)، قال ابن الملقن: «في إسناده يزيد بن سنان الرهاوي وهو ضعيف». «خلاصة البدر المنير» (١/ ٢٨٣).
وله شاهد من حديث أم أيمن رواه البيهقي (٧/ ٣٠٤)، وفي «الشُّعب» رقم (٧٨٦٥) وحسَّنه الحافظ في «الأمالي».
ومن ثم؛ فإن الحافظ قد قوَّى هذا الحديث بشواهده «الأمالي المطلقة» ص (٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>