للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِنْ تَرَكَ وَطْأَهَا إِضْراراً بِهَا، بِلَا يَمِينٍ وَلَا عُذْرٍ فَكَمُولٍ.

قوله: «وإن ترك وطأها إضراراً بها بلا يمين ولا عذر فكمولٍ» يعني فهو كمولٍ، كرجل ترك وطء زوجته بدون يمين، لكن تركه إضراراً بها فهذا آثم، فنجعل حكمه حكم المولي، فيضرب له على كلام المؤلف أربعة أشهر منذ ترك، لكن بشرط أن يكون المقصود الإضرار بها، فنقول: إما أن تجامع وتعاشر بالمعروف، وإلا إذا طلبت الفسخ فسخ.

وقيل: إنه ليس كمولٍ، ولا يمكن أن نجعل حكمه كحكمه مع اختلاف الواقع، وهذا أصح أن الذي يترك وطأها إضراراً بها، بدون يمين وبدون عذر أنه ليس بمولٍ، بل يطالب بالمعاشرة بالمعروف، وإلا تملك الفسخ أو الطلاق، والفرق بينه وبين المولي، أن المولي آلى وحلف فترتب على حلفه التربص الذي ذكره الله ﷿؛ مراعاةً ليمينه، أما هذا فمجرد إضرار بها، وقد قال الرسول : «لا ضرر ولا ضرار» (١)، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا﴾ [البقرة: ٢٣١]، فكيف نقول: إن الضرار أربعة أشهر؟!

فالصواب في هذا أن يقال: إن من ترك وطأها إضراراً بها،


(١) أخرجه الإمام أحمد (٥/ ٣٢٦)، وابن ماجه في الأحكام/ باب من بنى في حقه ما يضر بجاره (٢٣٤٠) عن عبادة بن الصامت .
وأخرجه الإمام أحمد (١/ ٣١٣)، وابن ماجه (٢٣٤١) عن ابن عباس ، وأخرجه مالك (٢/ ٧٤٥)، مرسلاً، وللحديث طرق كثيرة يتقوى بها، ولذلك حسنه النووي في الأربعين (٣٢)، وابن رجب في جامع العلوم والحكم (٢/ ٢١٠)، والألباني في الإرواء (٨٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>