للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزوجته ﵄، فأجرى النبي ﷺ بينهما اللعان (١).

فالحاصل أن هذا الأمر ـ نسأل الله العافية ـ قد يقع في أي عصر من العصور وليس أمراً غريباً، ولكن الشأن كله في أن الزوج هل يجب عليه إذا اتهم زوجته أن يلاعن، أو لا يجب، أو يجب عليه الفراق، أو ماذا يفعل؟

يقول العلماء: إن حملت من هذا الرجل الفاجر وجب عليه أن يلاعن؛ من أجل نفي الولد، وإن لم تحمل فإنه لا يجب عليه اللعان، وله أن يستر عليها، ثم إن كان قادراً على حفظها وحمايتها فليبقها عنده، وإلا فليطلقها؛ لئلا يكون ديوثاً يقر أهله بالفاحشة، والظاهر أن الأفضل الستر، خصوصاً إذا ظهر منها التوبة، وكانت ذات أولاد، ويخشى من تفرق العائلة.

فَإِنْ بَدَأَتْ بِاللِّعَانِ قَبْلَهُ، أَوْ نَقَصَ أَحَدُهُمَا شَيْئاً مِنَ الأَلْفَاظِ الْخَمْسَةِ، أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُمَا حَاكِمٌ، أَوْ نَائِبُهُ، أَوْ أَبْدَلَ لَفْظَةَ أَشْهَدُ بِأُقْسِمُ، أَوْ أَحْلِفُ، أَوْ لَفْظَةَ اللَّعْنَةِ بِالإِبْعَادِ، أَوِ الْغَضَبِ بِالسَّخَطِ لَمْ يَصِحَّ.

قوله: «فإن بدأت باللعان قبله» لم يصح اللعان؛ لأنه خلاف القرآن لفظاً ومعنى، أما خلافه لفظاً فلأن الله قال: ﴿فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ﴾ [النور: ٦]، وأما خلافه معنى فلقوله: ﴿وَيَدْرَأُ﴾ ﴿عَنْهَا الْعَذَابَ﴾ [النور: ٧، ٨]، والعذاب ما يثبت إلا بعد أن يلاعن الزوج، وإذا كان لا يثبت إلا بعد اللعان لزم من ذلك أن يسبق لعانُ الزوج لعانَ المرأة، فإذا بدأت قبله فإنه لا يصح.

وقوله تعالى: ﴿وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ﴾ قال بعض العلماء: إنه الحد، وبعض العلماء يقول: إنه الحبس، وأنها إذا شهد عليها


(١) أخرجها البخاري في الطلاق/ باب اللعان ومن طلق بعد اللعان (٥٣٠٨)، ومسلم في اللعان (١٤٩٢) عن سهل بن سعد ﵁.

<<  <  ج: ص:  >  >>