للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين قالوا: إنه يتقيَّد بالوصف قالوا: لأن كلمة «مميِّز» اسم فاعل مشتق من التَّمييز، وإذا كان مشتقاً من ذلك، فإذا وُجِدَ هذا المعنى في طفل ثَبَتَ له الوصف، فالمُميِّز هو الذي يفهم الخطاب ويردُّ الجواب. لكن سبع السَّنوات غالباً هي الحدُّ، والمراد: الذي يفهم المعنى بأن تطلب منه شيئاً ـ كماء ـ فيذهب ويحضره لك. وسبق شيءٌ من ذلك في أوَّل كتاب الصَّلاة (١).

فهل يصحُّ أذان المُميِّز أو لا يصحُّ؟ قال المؤلِّف: إنَّه يصحُّ، فلو لم يوجد في البلد إلا هذا الصبيُّ المميِّز وأذَّن فإنه يُكتفى به.

ووجه الإجزاء: أنَّ هذا ذِكْر، والذِّكْر لا يُشترط فيه البلوغ، فإن الصبيَّ يُكْتَبُ له ولا يُكْتَبُ عليه، فإذا ذَكَرَ اللَّهَ، كتبَ اللَّهُ له الأجرَ وصحَّ منه الذِّكْرُ، فإذا أذَّن المُميِّز فإنه يُكتفى بأذانه.

وقال بعض العلماء: لا يجزئ أذان المُميِّز (٢)؛ لأنه لا يُوثق بقوله ولا يُعتمد عليه، فقد لا يعرف متى تزول الشَّمس، ومتى يكون ظلُّ كلِّ شيء مثله وغير ذلك.

وفَصَّلَ بعض العلماء فقال: إنْ أذَّنَ معه غيرهُ فلا بأس، وإن لم يكن معه غيرُه فإِنَّه لا يُعتمد عليه، إلا إذا كان عنده بالغ عاقل عارف بالوقت ينبِّهه عليه (١٢٦). وهذا هو الصَّواب.

وَيُبْطِلُهُمَا فَصْلٌ كَثيرٌ، ................

قوله: «ويُبطلُهُما فصلٌ كثيرٌ»، يبطلهما: الضَّمير يعود على


(١) انظر: ص (١٣، ١٤، ١٥).
(٢) انظر: «المغني» (٢/ ٦٨)، «الإنصاف» (٣/ ١٠٠ ـ ١٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>