للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «المسكر» اسم فاعل من أسكر، أي: غطى العقل على سبيل اللذة والطرب، وتغطية العقل لها وجوه متعددة، فإذا كان على وجه اللذة والطرب، والنشوة، والارتقاء، والتعالي، فذلك هو السَّكَرُ، فالمسكر هو الذي إذا تناوله الإنسان غطى عقله على سبيل اللذة والطرب، وهو حرام.

كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ. وَهُوَ خَمْرٌ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، وَلَا يُبَاحُ شُرْبُهُ لِلَذَّةٍ وَلَا لِتَدَاوٍ وَلَا عَطَشٍ وَلَا غَيْرِهِ، إِلاَّ لِدَفْعِ لُقْمَةٍ غَصَّ بِهَا وَلَمْ يَحْضُرْهُ غَيْرُهُ، ......

قوله: «كُلُّ شَرَابٍ أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ» هذه قاعدة مأخوذة من الحديث، قال : «ما أسكر كثيره فقليله حرام» (١)، وقال: «ما أسكر منه الفَرَقُ فملء الكفِّ منه حرام» (٢)، والفَرَق يسع ستة عشر رطلاً.

فقوله: «كل شراب أسكر» هذا مبتدأ، خبره: الجملة المقرونة بالفاء «فقليله حرام»، وقرن الخبر بالفاء؛ لأن المبتدأ يشبه الشرط في العموم؛ ووجه العموم الذي فيه «كل شراب».

وقوله: «كل شراب» هذا على سبيل الأغلبية، أن يكون الخمر مشروباً، وإلا فقد يكون مأكولاً، فيعجن، ويؤكل، وقد يكون معجوناً من جهة أخرى بحيث يبل به العجين، ويؤكل ـ أي: يُعْجَن


(١) أخرجه الإمام أحمد (٣/ ٣٤٣)، وأبو داود في الأشربة باب النهي عن المسكر (٣٦٨١)، والنسائي في الأشربة باب
تحريم كل شراب أسكر كثيره (٨/ ٣٠٠)، والترمذي في الأشربة باب ما جاء ما أسكر كثيره … (١٨٦٥)، وابن ماجه في
الأشربة باب ما أسكر كثيره … (٣٣٩٢)، وابن حبان (٥٣٥٨)، قال الترمذي: «حديث حسن غريب»، وصححه الألباني
كما في الإرواء (٨/ ٤٢).
(٢) أخرجه الإمام أحمد (٦/ ٧١، ١٣١)، وأبو داود في الأشربة باب النهي عن المسكر (٣٦٨٧)، والترمذي في الأشربة
باب ما جاء ما أسكر كثيره … (١٨٦٦) عن عائشة وقال الترمذي: «حديث حسن» وصححه الألباني
كما في الإرواء (٨/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>