للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما أشبه ذلك، وقالوا: أين الدَّليل من الكتاب والسُّنَّة على هذه التَّسمية، هل قال الرَّسول ﷺ: إن شروط الصَّلاة كذا، وأركانها كذا، وواجباتها كذا … فإن قلتم: نعم، فأرونا إيَّاه، وإن قلتم: لا، فلماذا تُحْدِثُون ما لم يفعله الرَّسول ﷺ؟!.

والجواب: أنَّ مثل هذا الإيراد دليلٌ على قِلَّة فَهْمِ مُوْرِدِه، وأنَّه لا يُفَرِّق بين الغاية والوسيلة، فالعلماء لمَّا ذكروا الشُّروط والأركان والوجبات؛ لم يأتوا بشيء زائد على الشَّرع، غاية ما هنالك أنهم صَنَّفوا ما دَلَّ عليه الشَّرع؛ ليكون ذلك أقرب إلى حصر العلوم وجمعها؛ وبالتَّالي إلى فهمها.

فهم يصنعون ذلك لا زيادة على شريعة الله، وإنما تقريباً للشَّريعة، والوسائل لها أحكام المقاصد، كما أنَّ المسلمين لا زالوا ـ وإلى الآن ـ يبنون المدارس، ويؤلِّفون الكتب وينسخونها، وفي الأزمنة الأخيرة صاروا يطبعونها في المطابع، فقد يقول قائل أيضاً: لماذا تطبعون الكتب؛ وفي عهد الرَّسول ﵊ كان النَّاس يكتبون بأيديهم، فلماذا تفعلون شيئاً محدثاً؟

فنقول: هذه وسائل يَسَّرَها اللَّهُ ﷿ للعباد؛ لتُقَرِّبَ إليهم الأمورَ، ولم يَزدِ العلماء في شريعة الله شيئاً، بل بوَّبوها ورتَّبوها، فمثلاً قول الرَّسول ﵊: «لا يقبل اللَّهُ صلاةً بغير طُهُور» (١)، فمِنْ هذا الحديث يُفهم أنه إذا صَلَّى الإنسانُ بغير طُهُور فصلاتُه باطلة، إذاً؛ الطُهُور شرط لصحَّة الصَّلاة، فما الفرق بين ذلك وبين أن أقول: يُشترط لصحَّة الصَّلاة


(١) رواه مسلم، وقد تقدم تخريجه (١/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>