للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصحيح أنه لا يحنث كما لو كان هذا يميناً بالله ﷿.

وعَلَى مَنْ لَا يَمْتَنِعُ بِيَمِينِهِ مِنْ سُلْطَانٍ وَغَيْرِهِ فَفَعَلَهُ حَنِثَ مُطْلَقاً،

وَإِنْ فَعَلَ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّنْ قَصَدَ مَنْعَهُ بَعْضَ مَا حَلَفَ عَلَى كُلِّهِ لَمْ يَحْنَثْ، مَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ.

قوله: «وعلى من لا يمتنع بيمينه من سلطان وغيره ففعله حنِثَ مُطلقاً» هذه هي الحال الثانية، أن يحلف على شخص لا يمتنع بيمينه، ولا يهتم بها، ولا يحاول أن يرضيه بالبر بيمينه، ففعل المحلوف عليه، فإنه يحنث مطلقاً.

وقوله: «مطلقاً» يقول العلماء: إذا قيل: مطلقاً فإن الإطلاق يفهم معناه مما سبق، أو مما لحق، وهنا نفهمه مما سبق، يعني حنث مطلقاً في اليمين، والطلاق، والعتق، عالماً، أو جاهلاً، ذاكراً، أو ناسياً، ولا فرق.

مثال ذلك: رأى إنسان في السوق واحداً يريد أن يحمل على رأسه حزمة علف، فقال: والله لا تحملها، وكل واحد منهما لا يعرف الآخر، ثم إن الرجل المحلوف عليه نسي فحملها، فيحنث الحالف؛ لأن الأصل أن هذا الحالف ليس له إلزام هذا المحلوف عليه، فيكون اليمين بمنزلة الشرط المحض، فمتى وجد الشرط وجد المشروط؛ لأن حقيقة الأمر أن اليمين تشبه الشرط، فإذا قال له: والله لا تحمله، وهو ممن لا يمتنع بيمينه ولا يهتم بها فحمله ناسياً، قلنا للحالف: عليك الحنث والكفارة؛ لأنه ليس لك حق الإلزام، فصار يمينك بمنزلة الشرط المحض، فإذا وجد الشرط وهو حمله هذا العلف وجد المشروط وهو الكفارة.

وظاهر كلام المؤلف أنه يحنث مطلقاً، سواء قصد الإلزام أو قصد الإكرام؛ لأنه أحياناً يقصد إكرامه، فيقول: والله ما

<<  <  ج: ص:  >  >>