للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَحْكُمَ إِلاَّ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ، وَلَا يَنْفُذُ حُكْمُهُ لِنَفْسِهِ، وَلَا لِمَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ لَهُ، وَمَنِ ادَّعَى عَلَى غَيْرِ بَرْزَةٍ لَمْ تَحْضُرْ وَأُمِرَتْ بِالتَّوْكِيلِ، وَإِنْ لَزِمَهَا يَمِينٌ أَرْسَلَ مَنْ يُحَلِّفُهَا وَكَذَا الْمَرِيضُ.

قوله: «ويستحب أن لا يحكم إلا بحضرة الشهود» يستحب للقاضي أن لا يحكم إلا بحضرة الشهود، ويجوز أن يحكم في غيبتهم، فإذا أدوا الشهادة وحكم في غيبتهم فلا بأس، لكن الأفضل أن لا يحكم إلا بحضرتهم؛ لأن الشهود هم الطريق التي توصل للحكم ويستخرج بهم الحق، فلولا شهادتهم ما حكم، فينبغي أن يكون حكمه في حال حضورهم، ولأن هذا أضبط؛ حتى لا يميل يميناً أو شمالاً؛ لأنه ربما ينسى بعض فقرات الشهادة، ولأن هذا ـ أيضاً ـ أقرب إلى ثبوت الشهود؛ إذ إن الشهود قد يكون بعضهم شهد بزور، فإذا رأى أن الحكم سيثبت بناء على شهادته فربما يتراجع.

فهذه ثلاث علل لاستحباب حضور الشهود لحكم القاضي.

قوله: «ولا ينفذ حكمه لنفسه» حكم القاضي لنفسه لا يقبل، وكيف يحكم القاضي لنفسه؟!

الجواب: مثل أن يكون بينه وبين شخص خُصومة، فيقول: نتحاكم أنا وأنت لنفسي عند نفسي، فلا يصلح هذا، فإن رضي الخصم وقال: أنت الحَكَمُ وفيك الخصومة، فإن ذلك يجوز؛ لأن الحق له، وهذه أحياناً ترد، يعني يكون خصمُ القاضي واثقاً من القاضي، فيقول: أنت الحكم، وأنا أثق بأمانتك ودينك وعلمك، فإذا رضي بذلك فلا حرج.

قوله: «ولا لمن لا تقبل شهادته له» مثل أبيه، وولده، وزوجته، فلا يقبل أن يحكم لهم؛ لأن الحكم ـ كما سبق ـ

<<  <  ج: ص:  >  >>