للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكر الفقهاء اعتبار العدالة ظاهراً في عدة مسائل، منها: ولاية النكاح، والأذان؛ لأن هذا يغلب فيه جانب حق الله، فلو تقدم لنا إنسان ليكون إماماً، وظاهره الصلاح، فإننا لا نحتاج أن نقول: لا بد من إقامة بينة على عدالته باطناً، بل تكفي العدالة ظاهراً في حق الله، لكن في حقوق الآدميين المبنية على التحري والمشاحة، نقول: الأصل عدم العدالة حتى يتبين أنه عدل، قال شيخ الإسلام : الأصل في بني آدم الظلم والجهل؛ لقوله تعالى: ﴿وَحَمَلَهَا الإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً﴾ [الأحزاب: ٧٢]، والظلم والجهل هما السببان المنافيان للعدالة؛ لأن الإنسان لا يخالف الاستقامة، ولا يخرج عنها، إلا لظلمه، أو لجهله، فإن كان عالماً وخرج عن حد الاستقامة فهو ظالم، وإن كان جاهلاً وخرج عن حد الاستقامة فهو جاهل، فالمهم أن المذهب أنه لا بد من عدالة البينة ظاهراً وباطناً، واستدلوا بالنص وبالنظر.

وعن أحمد رواية أن المسلم عدل ما لم تظهر عليه الريبة، وهذه الرواية تومئ إلى أن الأصل في المسلمين العدالة، حتى يتبين ما يجرحهم، ولهذا قال العلماء: إن الخصم إذا جرح الشهود كُلِّف البينة به، ولو كان الأصل عدم العدالة لكان جرحه لا يحتاج إلى إقامة بينة، لكن سيأتي الجواب عن هذا إن شاء الله.

ولشيخ الإسلام رأي آخر في الموضوع، يقول: إن العدالة الشرعية التي يشترط فيها فعل الطاعات وترك المحرمات، ليست شرطاً في الشهود، بل من رضيه الناس في

<<  <  ج: ص:  >  >>