للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على ما سبق من قوله: «بأن لا يأتي كبيرة ولا يدمن على صغيرة»، وسواء كان فسقه بالأفعال، أو بالأقوال، أو بالاعتقاد؛ لأن الفسق قد يكون بالأقوال كالقذف ـ مثلاً ـ فإن القذف من كبائر الذنوب كما قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ *﴾ [النور]، والفسق بالفعل كالزنا، وشرب الخمر، والسرقة فهذه من الأفعال المفسقة، والفسق بالاعتقاد ذكر بعض العلماء ضابطاً في هذا، فقال: كل بدعة مكفرة للمجتهد فهي مفسقة للمقلد، وهذا ضابط واضح؛ لأن المجتهد يقولها ويناظر عليها وربما يدعو إليها، والمقلد لا يعلم فنقول: هو فاسق، هكذا أطلق بعض العلماء وهي كما ذكرت عبارة جميلة وخالف آخرون فقالوا: إن المقلد لا يخلو إما أن يعتقد أن ما قاله هذا المجتهد هو الحق؛ لأنه لا يعرف غيره فهذا لا يمكن أن نحكم بفسقه؛ لأنه اتقى الله ما استطاع، ولا يستطيع أكثر من ذلك، وليس عنده في بلده إلا هؤلاء العلماء، ولا يسمع قولاً يخالف قولهم، أو قولاً يُدَّعى أنه الحق وهو مخالف لقولهم، فكيف نفسقه، وهو قد اتقى الله ما استطاع؟! ولكن نقول: من تعصب لهم فحينئذٍ نفسقه، يعني لو قيل له: الحق كذا، قال: لا، مشايخي يقولون: كذا وكذا، فهذا لا شك أننا نفسقه، لأنه يشبه قول المشركين الذين يقولون: ﴿إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٢]، والآية الثانية: ﴿وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ﴾ [الزخرف: ٢٣]، مثلاً: لو قال قائل بخلق القرآن، وأن القرآن مخلوق بائن من الله

<<  <  ج: ص:  >  >>