للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاستعمالُ المُصَوَّرِ ينقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: أن يستعمله على سبيل التَّعظيم، فهذا حرام سواء كان مجسَّماً أم ملوَّناً، وسواء كان التَّعظيم تعظيم سلطان، أم تعظيم عبادة، أم تعظيم عِلْمٍ، أم تعظيم قَرابة، أم تعظيم صُحبة، أيًّا كان نوعُ التعظيم. وفي الحقيقة؛ إنه ليس فيه تعظيم، فمثلاً: إذا أراد أن يصوِّر أباه، فإن كان أبوه حيًّا فالتَّعظيم بإعطائه ما يلزمه من البِرِّ القولي والفعلي والمالي والجاهي وغير ذلك، وإن كان ميِّتاً فلا ينتفع بهذا التَّعظيم، بل فيها كسب الإثم وتجديد الأحزان، ولذلك يجب على مَنْ كان عنده صورة من هذا النوع أن يمزِّقها، أو يحرقها، ولا يجوز له إبقاؤها؛ لأن هذا فيه خطورتان:

الخطورة الأولى: تجنّب الملائكة لدخول البيت.

والخطورة الثانية: أن الشيطان قد يدخل على الإنسان من هذا التعظيم، حتى يستولي تعظيمهم على قلبه، ويسيطر عليه، ولا سيَّما فيما يَتَعَلَّق بالعِلْم والعبادة، فإن فتنة قوم نوح كانت في الصُّور، وهذا لا فرق فيه بين الملوَّن والمجسَّم، أي: سواء كان صورة على ورقة، أم على خِرقة، أم كانت صورة مجسَّمة.

القسم الثاني: أن يتَّخذه على سبيل الإهانة مثل: أن يجعله فراشاً، أو مِخَدَّة، أو وسادة، أو ما أشبه ذلك، فهذا فيه خلاف بين أهل العلم (١):

فأكثر أهل العلم على الجواز، وأنه لا بأس به؛ لأن


(١) انظر: «فتح الباري» (١٠/ ٣٨٨، ٣٩١)، «الإنصاف» (٣/ ٢٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>