للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا بعيدٌ من القواعد الشَّرعيَّة. والذين قالوا بالتَّحريم قالوا: إنما اجتمع مبيح وحاظر فغُلِّبَ جانبُ الحظر، وهذه قاعدة شرعية مُطَّرِدَة في مثل هذه الأشياء التي تتعارض فيها الأدلَّة، وموقفنا منها الاحتياط، والاحتياطُ في مقام الطَّلب: الفعلُ، وفي مقام النهي: التركُ.

والحاصل: أن المحرَّم هو الحريرُ الخالص أو الذي أكثره الحرير، وأما ما أكثره غير الحريرُ فحلال، وأما ما تساوى فيه الحرير وغيره فمحلُّ خلاف.

وَلِضَرُورَةٍ أَوْ حِكَّةٍ .........

قوله: «ولضرورة»، هذا عائد على الحرير، أي: أو لُبْسه لضرورة، ومن الضَّرورة ألا يكون عنده ثوب غيره، ومن الضَّرورة أيضاً أن يكون عليه ثوب، ولكنه احتاج إلى لُبْسِهِ لدفع البرد، ومن الضَّرورة أيضاً أن يكون عليه ثوب لا يستر عورته لتمزُّقٍ فيه، فكلُّ ما دعت إليه الضَّرورة جاز لُبْسُهُ.

قوله: «أو حِكَّةٍ»، أي: أنه إذا كان فيه حِكَّة جاز لُبْسه.

والحكمة: أن الحرير لنعومته ولينه يطفئ الالتهاب من الحِكَّة فلهذا أجازه الشَّارع. فقد رَخَّصَ النبيُّ ﷺ لعبد الرحمن بنِ عَوف والزُّبير ﵄ أن يلبسا الحرير من حِكَّة كانت بهما (١). فالحِكَّة إذاً تُبيح لُبْس الحرير.

فإذا قال قائل: لدينا قاعدة شرعية وهي: أن المحرَّم لا


(١) رواه البخاري، كتاب الجهاد: باب الحرير في الحرب. رقم (٢٩٢٠)، ومسلم، كتاب اللباس: باب إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة، رقم (٢٠٧٦) عن أنس بن مالك ﵁.

<<  <  ج: ص:  >  >>