للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُبيحه إلا الضَّرورة، وهنا الحِكَّة هل هي ضرورة؟

فالجواب: أنها قد تكون ضرورة، فأحياناً يُبتلى الإنسان بحِكَّة عظيمة لا تجعله يستقر، وعلى هذا فلا إشكال، لكن إذا كان لُبْسُه لحاجة فكيف يجوز ولا ضرورة؟ فالجواب: أن تحريم لُبْسِ الحرير من باب تحريم الوسائل، وذلك لأن الحريرَ نفسَه من اللباس الطيِّب ولِبَاس الزِّينة، ولكن لما كان مدعاة إلى تنعُّم الرَّجل كتنعُّم المرأة؛ بحيث يكون سبباً للفتنة؛ صار ذلك حراماً، فتحريمه إذاً من باب تحريم الوسائل، وقد ذكر أهلُ العلم أن ما حُرِّمَ تحريم الوسائل أباحته الحاجة، وضربوا لذلك مثلاً بالعَرَايا (١)، وهي بيع الرُّطب بالتَّمر، وبيع الرُّطب بالتَّمر حرام؛ لأن النبيَّ Object لما سُئل عن بيع التمر بالرطب، قال: «أينقص الرُّطب إذا يَبسَ؟»، قالوا: نعم، فنهى عن ذلك (٢) لأنه رِبَا؛ إذ إن الجهل بالتساوي كالعلم بالتَّفاضل، لكن العَرَايا أُبيحت للحاجة، والحاجة هي أن الإنسانَ الفقيرَ الذي ليس عنده نقودٌ إذا كان عنده


(١) انظر: «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٣٩)، (٢٣/ ١٨٦، ١٨٧)، «إعلام الموقعين» (٢/ ١٤٠).
(٢) رواه مالك، كتاب البيوع: باب ما يكره من بيع التمر، رقم (١٣٥٢)، وأبو داود، كتاب البيوع: باب في التمر بالتمر، رقم (٢٣٥٩)، والنسائي، كتاب البيوع: باب اشتراء التمر بالرطب (٧/ ٢٦٩) رقم (٤٥٥٩)، والترمذي كتاب البيوع: باب ما جاء في النهي عن المحاقلة والمزابنة، رقم (١٢٢٥)، وابن ماجه، كتاب التجارات: باب بيع الرطب بالتمر، رقم (٢٢٦٤).
من طريق عبد الله بن يزيد، عن زيد أبي عياش، عن سعد بن أبي وقاص به.
والحديث صحّحه: عليُّ بن المديني، والترمذيُّ، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، وغيرهم.
انظر: «بلوغ المرام» رقم (٨٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>