للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل المراد بالمقبرة هنا ما أُعِدَّ للقبر، وإن لم يدفن فيه أحد، أم ما دُفِنَ فيه أحد بالفعل؟

الجواب: المراد ما دُفِنَ فيه أحد، أمَّا لو كان هناك أرض اشتُريت؛ لتكون مقبرة، ولكن لم يُدْفَنْ فيها أحد، فإن الصَّلاة فيها تصحُّ، فإن دُفِنَ فيها أحد، فإن الصَّلاة لا تصحُّ فيها؛ لأنها كلّها تُسمَّى مقبرة.

والأصل صحَّة الصَّلاة في كلِّ الأراضي؛ لقول النبي ﵊: «جُعِلت ليَ الأرضُ مسجداً وطَهُوراً» (١)، ولهذا لا بُدَّ أن يُؤتى بدليل للأماكن التي لا تصحُّ فيها الصَّلاة.

فإذا قال قائل: ما الدَّليل على عدم صحَّة الصَّلاة في المقبرة؟.

قلنا: الدليل:

أولاً: قول النبيِّ ﷺ: «الأرضُ كلُّها مسجدٌ إلا المقبرة والحَمَّام» (٢)، وهذا استثناء، والاستثناء معيار العموم.

ثانياً: قول النبيِّ ﷺ: «لعن اللَّهُ اليهودَ والنَّصارى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أنبيائهم مَسَاجدَ» (٣). والمساجد هنا قد تكون أعمَّ من البناء؛ لأنه قد يُراد به المكان الذي يُبنى، وقد يُراد به المكان الذي يُتَّخذ


(١) متفق عليه، وقد تقدَّم تخريجه (١/ ٢٩).
(٢) تقدم تخريجه ص (١٤١).
(٣) رواه البخاري، كتاب الصلاة: باب الصلاة في البيعة، رقم (٤٣٥)، ومسلم، كتاب المساجد: باب النهي عن بناء المساجد على القبور، رقم (٥٢٩) ـ واللفظ له ـ من حديث عائشة.

<<  <  ج: ص:  >  >>