للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن الصَّحيح: أننا إن جوَّزنا للماشي التَّنفُّل فإنه لا يلزمه الرُّكوع والسُّجود إلى القِبْلة؛ لأنَّ في ذلك مشقَّة عليه؛ لأنه يستلزم الوقوف للرُّكوع والسجود والجلوس بين السَّجدتين، وهذا يعيقُه بلا شَكٍّ، لكن لو قلنا يومئُ إيماء؛ أمكنه أن يومئ وهو ماشٍ في ركوعه وسجوده، فحكمه حكم الرَّاكب في أنه يلزمه الافتتاح فقط؛ لأن الافتتاح مدَّتُه وجيزة والانحراف إلى القِبْلة فيه سهل فلا يضرُّه.

وقولنا: إن جوَّزنا للماشي التَّنفُّل، فيه إشارة إلى أنَّ في المسألة خلافاً (١)، فإن من العلماء من يقول: إن المسافر الماشي لا يجوز أن يتنفَّل حال مشيه، لأنَّ الماشي سوف يعمل أعمالاً كثيرة بالمشي، والرَّاكب ساكن لا يعمل، فلا يُلحق هذا بهذا.

ولأن تنفُّل المسافر الرَّاكب على خلاف الأصل، وما جاء على خلاف الأصل فهو خارجٌ عن الأصل، ولا يُقاس عليه.

ولكن الذي يظهر ـ والله أعلم ـ أن القول الرَّاجح: ما قاله المؤلِّف في إلحاق الماشي بالرَّاكب، لأن العِلَّة في جواز التنفُّل على الرَّاحلة بدون عُذْر هو حمل الإنسان وتشجيعه على كثرة النَّوافل، وهذا حاصل للمسافر الماشي، كما هو حاصل للمسافر الرَّاكب.

وقولهم: إن هذا خلافُ الأصل، وما كان خلافَ الأصل


(١) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٣٢٤، ٣٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>