للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: «الكفَّار» يشمل الكافر الأصلي والمرتد.

وقوله: «ولو لم تحِلَّ ذبائحُهُم» إِشارة خلاف (١). والكفَّار الذين تَحِلُّ ذبائحُهم هم اليهود والنَّصارى فقط. لقوله تعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ

وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ﴾ [المائدة: ٥]. والمراد بطعامهم ذبائحهم كما فسَّر ذلك ابن عباس (٢)، وليس المراد خبزهم وشعيرهم وما أشبه ذلك؛ لأن

ذلك حلال لنا منهم ومن غيرهم، ولا تحلُّ ذبائح المجوس، والدَّهريِّين، والوثنيِّين وغيرهم من الكفار، أما آنيتهم فتحلُّ. فإن قال قائل: ما هو الدَّليل؟

قلنا: عموم قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا﴾ [البقرة: ٢٩]، ثم إن أهل الكتاب إذا أباح الله لنا طعامهم، فمن المعلوم أنهم يأتون به إلينا

أحياناً مطبوخاً بأوانيهم، ثم إِنَّه ثبت أن النبي دعاه غلام يهوديٌّ على خبز شعير، وإِهالة سَنِخَة (٣) فأكل منها. وكذلك أكل من الشَّاة

المسمومة التي أُهديت له في خيبر (٤). وثبت أنَّه توضَّأ وأصحابه من مزادة امرأة


(١) انظر: «الإِنصاف» (١/ ١٥٦).
(٢) رواه البخاري، كتاب الذبائح والصيد: باب ذبائح أهل الكتاب، رقم (٥٥٠٨).
(٣) رواه أحمد (٣/ ٢١٠، ٢٧٠)، إِلا أن الحافظ ابن حجر قد نقل هذا الحديث في «أطراف المسند» (١/ ٤٧٢) بلفظ: «أن خيَّاطاً» بدل «يهودياً»، وهو الموافق لبقية روايات المسند (٣/ ٢٥٢، ٢٨٩ ـ ٢٩٠)، وهو الموافق أيضاً لرواية البخاري رقم (٥٣٧٩) غير أنه لم يذكر خبز الشعير والإِهالة السَّنخة.
ملاحظة: الإِهالة: الدسم، والسّنخة: المتغيرة. «غريب الحديث» (١/ ٥٠٣).
(٤) رواه البخاري، كتاب الطب: باب ما يذكر في سُمِّ النبي ، رقم (٥٧٧٧) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>