للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقصود من الجماعة هو الائتلاف.

وقال بعض أهل العلم: بل يجوز أن يتبعه في الائتمام (١)، وإذا كانت الصَّلاة صلاةَ جماعة واجبة وجب أن يَتْبَعه ويأتمَّ به، لأن كلَّ واحد منهما يعتقد خطأ الآخر بالنسبة لاجتهاده، ويعتقد صوابه بالنسبة لاجتهاده نفسه، فأنا أعتقد أن الإمام مخطئ لما اتَّجَه إلى الجنوب باعتقادي أنا، لكن باجتهاده هو أعتقد أنه مُصيب وأنَّه لو تابعني لبطلت صلاتُه.

قالوا: ونظير ذلك لو أنَّ رَجُلَين أكلا من لحم إبل، أحدهما يعتقد أنَّ لحم الإبل ناقض، والثاني يعتقد أن لحم الإبل غير ناقض، فَأْتمَّ أحدُهما بالآخر، فهنا أحدهما يعتقد بطلان صلاة الآخر، ومع ذلك يجوز أن يَأْتمَّ أحدُهما بالآخر، قالوا: فهذا مثل هذا، واعتقاد الخطأ في الحكم كاعتقاد الخطأ في الحال (٢)، فالذي خالفني في القِبْلة قد اتفقت معه على الحكم؛ وهو أن استقبال القِبْلة شرط، لكن اختلفنا في الحال، أنا أعتقد أن هذه القِبْلة، وهو يعتقد أن القِبْلة مخالفة لذلك، فلا فرق بين أن أعتقد أن هذا اللحم ناقض للوُضُوء، وهو يعتقد أنه ليس بناقض.

وهذا القول أقرب للصَّواب، وهو جواز اتِّباع أحدهما الآخر في الائتمام مع اختلافهما في جهة القِبْلة. والتضاد هنا لا يمنع من الائتمام كما لو ائتمَّ أحدُهما بالآخر في جوف الكعبة، وأحدهما مستقبل الجدار الشِّمالي؛ والثاني مستقبل الجدار الجنوبي.


(١) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٣٤٦).
(٢) انظر: «المغني» (٢/ ١٠٨، ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>