للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القول الثَّالث في المسألة: أنه لا يصحُّ أن ينتقل من انفراد إلى إمامة؛ لا في الفرض ولا في النَّفْل، كما لا يصحُّ أن ينتقل من انفراد إلى ائتمام لا في الفرض ولا في النَّفْل، وهذا هو المذهب (١). فيكون قول المؤلِّف هنا وسطاً بين القولين.

ولكن الصَّحيح: أنه يصحُّ في الفرض والنَّفْل، أما النَّفْل فقد وَرَدَ به النَّصُّ كما سبق، وأما الفرض فلأن ما ثبت في النَّفْل ثبت في الفرض إلا بدليل.

فإذا قال قائل: بماذا يجيب القائلون بأنه لا يصحُّ في الفرض ولا في النَّفْل عن حديث ابن عباس؟

فالجواب: يُجيبون عنه بأن النبيَّ صَلَّى منفرداً، وهو يغلب على ظَنِّه أن ابن عباس سيُصلِّي معه، وبَنَوا على ذلك أنه إذا انتقل المنفرد من انفراد إلى إمامة، وكان قد ظَنَّ قبل أن يدخل الصَّلاة أنه سيأتي معه شخص يكون إماماً له، فإن ذلك صحيح، قالوا: لأنه لما ظَنَّ أنه سيحضر معه شخص؛ فقد نوى الإمامة في ثاني الحال من أوَّل الصلاة فلا يضرُّ (٢).

والردُّ عليهم من وجهين:

الوجه الأول: يبعد أن يظنَّ الرَّسول أن ابن عباس سيُصلِّي معه وهو غلام صغير نائم.

الثاني: أننا نقول: حتى وإن لم يكن ذلك بعيداً، فمن الذي يقول إنَّ الرَّسول ظن ذلك، فهذا يحتاج إلى دليل؛ لأن


(١) انظر: «الإنصاف» (٣/ ٣٧٧)، «الإقناع» (١/ ١٦٤).
(٢) انظر: «كشاف القناع» (١/ ٣١٩، ٣٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>