للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن كلَّ واحد منهما يُقال بمفرده، وأن هذا الاختلاف اليسير مما جاءت به السُّنَّةُ.

وقد سَبَقَ ذِكْرُ الخِلافِ والتفصيل في العبادات الواردة على وجوه متنوِّعةٍ عند الكلام على رَفْعِ اليدين عند تكبيرة الإحرام.

مسألة: ظاهر كلام المؤلِّف أنه لا يزيد في التشهُّدِ الأولِ على ما ذَكَرَ. وعلى هذا؛ فلا يستحبُّ أن تُصلِّيَ على النبيِّ في التشهُّد الأوَّل، وهذا الذي مشى عليه المؤلِّف ظاهرُ السُّنَّة، لأنَّ الرسول لم يُعلِّم ابنَ مسعود (١) وابنَ عباس (٢) إلا هذا التشهُّد فقط، وقال ابنُ مسعود: «كُنَّا نقولُ قبلَ أن يُفرضَ علينا التشهُّدِ» (٣) وذكر التشهد الأول فقط؛ ولم يَذكرِ الصَّلاةَ على النبيِّ في التشهُّدِ الأول. فلو كان سُنَّةً لكان الرسول يعلِّمهم إيَّاه في التشهُّدِ.

وأما قولهم: «يا رسولَ الله، أمَّا السَّلامُ عليك فقد عَرفنَاه، فكيف نُصَلِّي عليك (٤) إذا نحن صَلَّينا عليك في صلاتِنا؟» (٥)، فهو سؤال عن الكيفيَّة وليس فيه ذِكْرُ الموضع، وفَرْقٌ بين أن يُعَيَّنَ الموضع أو تُبَيَّنَ الكيفيَّة، ولهذا قال ابن القيم في «زاد المعاد»: كان من هدي النبيِّ تخفيف هذا التشهد جدًّا، ثم


(١) تقدم تخريجه ص (١٥١).
(٢) تقدم تخريجه ص (١٦٠).
(٣) انظر: سنن الدارقطني (١/ ٣٥٠).
(٤) أخرجه مسلم، كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي بعد التشهد (٤٠٦) (٦٦).
(٥) أخرجه الإمام أحمد (٤/ ١١٩)؛ والدارقطني (١/ ٣٥٤)؛ والحاكم (١/ ٢٦٨) وقال: «صحيح على شرط مسلم» ووافقه الذهبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>