للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعله، فالأكثرون على أنه يجلس في وقت النهي ولا يصلي لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس (١)» والقول قول قوي لعموم الأحاديث، فالذي أخذ به وعمل به لا حرج عليه إن شاء الله، ولكن عند التأمل والنظر في الأحاديث الواردة في ذلك يتضح أن استثناء ذوات الأسباب أصح؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في الطواف وصلاة الطواف: «يا بني عبد مناف، لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار (٢)» فرخص لهم في الصلاة مع الطواف وإن كان في العصر أو الصبح؛ لأنها من ذوات الأسباب. وقال عليه الصلاة والسلام في الكسوف لما ذكر كسوف الشمس والقمر، قال: «إذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة (٣)» وهذا يعم العصر ويعم غيره، فدل ذلك على أنه لو كسفت الشمس بعد العصر فالحديث يعم ذلك لأنها سنة يفوت محلها، فإذا كسفت الشمس شرع للناس على الصحيح أن يصلوا في وقت النهي؛ لأنها صلاة لها أسباب، وليس المقصود التشبه بالكفرة في هذا؛ لأن السبب يبين أنه لم يصل للتشبه بالكفرة، وإنما صلى لأمر


(١) صحيح البخاري مواقيت الصلاة (٥٨٦)، مسند أحمد (٣/ ٩٥).
(٢) أخرجه الترمذي في أبواب الحج، باب الصلاة بعد العصر وبعد الصبح لمن يطوف، برقم (٨٦٨)، والنسائي في كتاب مناسك الحج، باب إباحة الطواف في كل الأوقات، برقم (٢٩٢٤)، وابن ماجه في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب في الرخصة في الصلاة بمكة في كل وقت، برقم (١٢٥٤).
(٣) أخرجه البخاري في كتاب الجمعة، باب خطبة الإمام في الكسوف، برقم (١٠٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>