للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشفاعة ملكه سبحانه وتعالى، والنبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأموات لا يملكون التصرف بعد الموت، بشفاعة ولا بدعاء ولا بغير ذلك، الميت إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، وإنما جاء أنها تعرض عليه الصلاة، عليه الصلاة والسلام، ولذا قال: «فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم (١)»؛ «صلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم (٢)»، وأما حديث أنها تعرض عليه الأعمال، فإن وجد خيرا حمد الله، وإن وجد شرا استغفر لنا، فهو حديث ضعيف، لا يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولو صح لم يكن فيه دلالة أن نطلب منه الشفاعة، فالحاصل أن طلب الشفاعة من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو من غيره من الأموات أمر لا يجوز، وهو على القاعدة الشرعية، من الشرك الأكبر، لأنه طلب من الميت شيئا لا يقدر عليه، كما لو طلب منه شفاء المريض، أو النصر على الأعداء، أو غوث المكروبين، وما أشبه ذلك، فكل هذا من أنواع الشرك الأكبر، ولا فرق بين طلب هذا من النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو من الشيخ عبد القادر أو فلان أو فلان أو من البدوي، أو من الحسين أو من غير ذلك، طلب هذا من الموتى أمر لا يجوز، وهو من أقسام الشرك، وإنما الميت يترحم عليه إذا كان مسلما، ويدعى له بالمغفرة والرحمة، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم عليه المسلم، يصلي عليه، عليه الصلاة والسلام، ويدعو له إما أن يطلب منه المدد، أو الشفاعة أو


(١) أخرجه أبو داود في كتاب المناسك، باب زيارة القبور، برقم ٢٠٤٢.
(٢) أبو داود المناسك (٢٠٤٢)، أحمد (٢/ ٣٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>