للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان الخطيب يسأل عن شيء، أو ينكر عليه شيئا أخطأ فيه يجب إنكاره، فالكلام مع الخطيب لا بأس به، والخطيب لا بأس أن يتكلم هو؛ لأن هذا من جنس خطبته، أما الناس فيما بينهم فلا، حتى ولو عطس وحمد الله، لا تقل له: يرحمك الله كما لا تقول في الصلاة إذا عطس وهو يصلي وحمد الله، ما يقال له: يرحمك الله. وهكذا في الخطبة، المستمع لها كالمصلي فلا يتكلم ولا يرد السلام، ولا يبدأ بالسلام ولا يشمت العاطس، هذا هو الواجب عليه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت (١)» مع أنه يأمر بالمعروف سمي لاغيا وهو يأمر بالمعروف، وفي الحديث الآخر: «من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا، والذي يقول له: أنصت ليست له جمعة (٢)» فهذا يدل على أن الجمعة تلغى، ويفوته ثوابها بسبب كلامه في أثناء الخطبة، ولو أن كلامه في عمل طيب يأمر بالمعروف أو ينهى عن منكر كتشميت العاطس، فالواجب ترك ذلك كما يجب ترك ذلك مع المصلي، وهكذا مع المستمع للخطبة، فلا بأس أن تبدأ المصلي بالسلام، وهو يرد بالإشارة، لكن في الخطبة لا، أنت مأمور بالإنصات، ولا يتكلم والإمام يخطب لا بتشميت


(١) أخرجه أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، برقم (٧٦٨٦).
(٢) أخرجه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عباس، برقم (٢٠٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>