للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصلى عليها، عليه الصلاة والسلام (١)» لأن إقرارهم وتوبتهم له شأن عظيم، التوبة يمحو الله بها الذنوب، ثم الحد زيادة من أسباب الكفارة أيضا، فالحاصل أن من قتل بحق وهو مسلم يصلى عليه، فالقصاص حق، وإقامة الحدود حق، فيصلى عليهم، وهكذا لو قتل إنسان ظلما من باب أولى أن يصلى عليه، فالقصاص كفارة، لكن يبقى حق القتيل، هذان لحق الله، ولحق الورثة، أما حق القتيل فيبقى، وإذا كان القاتل تاب توبة صادقة، فالله سبحانه يرضى عنه بما يشاء سبحانه وتعالى، أما بقية المعاصي الأخرى، فهي مثل ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «من أدركه الله في الدنيا، كان كفارة له، ومن مات على ذلك مستورا فأمره إلى الله، إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه» سبحانه وتعالى، ويقع هذا في كل المعاصي التي أدرك حدها في الدنيا، أنه من تاب منها في الدنيا تغفر له، أما من مات عليها لم يحد ولم يتب، فهذا أمره إلى الله لقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (٢) سبحانه وتعالى، وهذا فيه بشارة لأهل المعاصي، مثل ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما بايع الناس قال: «ألا يشركوا ولا يسرقوا ولا يزنوا ولا يقتلوا (٣)» قال بعد هذا: «فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا، فعوقب


(١) أخرجه مسلم في كتاب الحدود باب من اعترف على نفسه بالزنى، برقم (١٦٩٥).
(٢) سورة النساء الآية ٤٨
(٣) صحيح البخاري الإيمان (١٨)، صحيح مسلم الحدود (١٧٠٩)، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٩)، سنن النسائي الإيمان وشرائعه (٥٠٠٢)، سنن الدارمي السير (٢٤٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>