للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما ليس منه فهو رد (١)» يعني: فهو مردود على من أحدثه، وفي لفظ آخر عند مسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (٢)»، وجاء في هذا المعنى أحاديث كثيرة، تدل على تحريم البدع، وأن البدع هي المحدثات في الدين، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عليه الصلاة والسلام: «أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (٣)»، وتعلمون أيها المستمعون من أهل العلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام، عاش بعد النبوة ثلاثا وعشرين سنة، ولم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام، ولم يقل للناس احتفلوا بالمولد، لدراسة السيرة أو لغير ذلك، ولا سيما بعد الهجرة؛ فإنها وقت التشريع، وكمال التشريع، فمات صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا من ذلك، وأما حديث أنه سئل عن صوم يوم الاثنين؟ قال: «ذلك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه (٤)»، فهذا لا يدل على الاحتفال بالموالد، كما يظن بعض الناس، وإنما يدل على فضل يوم الاثنين، وأنه يوم شريف، لأنه أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيه ولأنه ولد فيه عليه الصلاة والسلام، ولأنه يوم تعرض فيه الأعمال على الله عز وجل، فإذا صامه الإنسان، لما فيه من المزايا، فهذا حسن، أما أن يزيد شيئا غير ذلك، فهذا عمل ما شرعه الله، إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ولدت فيه "؛ لبيان فضل صومه، ولما سئل


(١) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم ٢٦٩٧.
(٢) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم ١٧١٨.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم ٥٠٦٣، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم ١٤٠١.
(٤) مسلم الصيام (١١٦٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>