للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما إذا كان الفعل يقتضي الوقوف على مخالفته للقانون إلى توفّر شرط الاجتهاد لكونه من دقائق الأفعال والأقوال، فلا يكون للعامة الحق في الرقابة والإنكار على هذه الأعمال؛ لأنهم قد ينكرون فعلًا والأمر على خلاف ذلك، بل هذا الحق يُعطى فقط للفقهاء الذين يحيطون بالنصوص ومقاصد الشارع، وهؤلاء أيضًا سلطتهم في الإنكار تتوقف بحسب ما إذا كان الفعل قد أجمع على حكم محدد له، أو كان هذا الفعل من المسائل الخلافية بين الفقهاء.

الشرط السادس: الحصول على إذن سابق من السلطة العامة:

هذا الشرط من الشروط التي لم تتّفق حولها الآراء في الفقه الإسلامي، فيذهب رأي إلى أنه لا يجوز ممارسة هذا الواجب -أي سلطة الرقابة- إلا إذا أذنت السلطات العامة بممارسته، وحجة من قال بذلك أن إعمال هذا الحق يقتضي تقرير سلطة وولاية على المحكوم عليه؛ ومن ثم لا يجوز أن يُعطى هذا الحق أو يتقرر قيام المسلم بأداء هذا الالتزام، إلا إذا فوّضته السلطات العامة بذلك، ومما يقتضي الحصول على إذن مسبق من السلطات العامة عدم جواز القيام بهذا الواجب من الكافر على المسلم، مع كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حقًّا.

وقد ردّ الغزالي على من اشترط هذا الشرط، فهو بعد أن قرر أنه من الشروط الفاسدة؛ فإن النصوص في القرآن أو السنة دلّت على أن كل من رأى منكرًا أو سكت عن إنكاره، فإنه يخلّ بواجب حتّمت عليه النصوص إنكاره أينما رآه وكيفما رآه؛ لذلك فإن القول بهذا الشرط -ونقصد به الحصول على إذن من السلطات العامة- تحكّم لا أصل له من الشرع، ومن ناحية فإن عدم جواز منح غير المسلم هذا الحق أو القيام بهذا الالتزام، ترجع إلى أن غير المسلم لا يجوز له أن يمارس أي سلطة أو ولاية على المسلم، إلى

<<  <   >  >>