للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الكوفة فأقيم بها شهرين, ثم أسير إلى البصرة فأقيم بها شهرين, والله لنعم الحول هذا.

وواجه الخليفة عمر بن الخطاب بهذه الروح الإسلامية الواسعة الأفق, وبمفهومها عن السلطات, واجه مشكلة التنظيم الإداري للدولة الإسلامية النامية, واتخذ خطوات عملية في تلك السبيل شهدت له بالقدرة الفائقة على التنسيق بين جميع النظم التي تكفل للدولة الاستقرار, وتجنبها المتاعب, والهزات الهدامة؛ إذ أجاد الجمعَ بين النظم الإدارية التي سبق أن تقررت قواعدها على عهد الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وبين متطلبات الوضع الجديد للدولة الإسلامية, بعد الفتوحات الشاسعة التي تمت على عهده, وشيَّد نظامًا إداريًّا مركزيًّا كَفَلَ الطمأنينة, والرفاهية, لجميع القاطنين في ظله, وقدم لهم -أيضًا- المثل العملي عن مفهوم السلطان في الإسلام.

وظهرت طلائع التجاوب بين مفهوم السلطان في الإسلام وما اقترن به من نظم, وبين النظم القديمة في البلاد المفتوحة, في احتفاظ الخليفة عمر بن الخطاب بمنصب الأمير الذي سبق أن تقرر على عهد الرسول الكريم؛ إذ عين الخليفة على كل بلد من البلاد المفتوحة أميرًا, إلى جانب الإبقاء على النظم الإدارية لتلك البلاد, وعلى الموظفين من أبنائها.

وانقسمت الدولة الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب إلى ثماني ولايات؛ ليسهل تنظيم إدارتها, وهي مكة, والمدينة, والشام, والجزيرة, والبصرة, والكوفة, ومصر, وفلسطين, وكان لكل ولاية أميرٌ يحمل أحيانًا لقب والٍ, ويقيم في حاضرة الولاية, أي في عاصمة الولاية, حيث يتخذ له مقرًّا خاصًّا, اشتهر باسم دار الإمارة, ويعتبر الأمير ممثلَ الخليفة, والرئيس السياسي, والمسئول الإداري عن جميع الأعمال أمام الخليفة مباشرة,

<<  <   >  >>