للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك فإن ذلك أبلغ في جهاد عدوكم، أيها الناس إني أشهدكم على أمراء الأمصار إني لم أبعثهم إلا ليفقهوا الناس في دينهم ويقسموا عليهم فيئهم ويحكموا بينهم، فإن أشكل عليهم شيء رفعوه إليّ.

وكان عمر يفرض لعماله وأمراء الجيوش والقرى في العطاء على قدر ما يصلحهم من الطعام، وما يقومون به من الأمور؛ حتى لا يكون لأي منهم عذر فلا تمتد يده لغير حقه، لقد كان عمر يختار للولاية أصلح الناس وأقدرهم للقيام بشئون المسلمين ولم يخضع في ذلك لأي ضغط أو إغراء، ونظم لعماله طرقًا للمحاسبة جعلته كأنه معهم حيثما كانوا، ووضع عليهم الرقباء والعيون يأتون بالأخبار أولًا بأول، فمن هذه الأشياء التي كان يمارسها مع عماله أنه كان يحصي ثروات الولاة عند تعيينهم، أي: أنه كان يحصي أموال العمال والولاة قبل الولاية ليحاسبهم على ما زادوه بعد الولاية مما لا يدخل في عداد الزيادة المعقولة، ومن تعلل منهم بالتجارة لم يقبل منه دعواه وكان يقول لهم: إنما بعثناكم ولاة ولم نبعثكم تجارًا، وقد كان عمر يعتمد في محاسبة عماله إلى وسائل متفرقة دقيقة، منها أنه كان يرصد لهم الرقباء والعيون من حولهم ليبلغوه ما ظهر وما خفي من أمرهم؛ حتى كان الوالي من كبار الولاة وصغارهم يخشى من أقرب الناس إليه أن يرفع نبأه إلى الخليفة، وكان عمر يرسل من عنده رسلًا يجمعون شكايات الشاكين ويتولون التحقيق والمراجعة فيها؛ ليستوفي البحث فيما ينقله الرقباء والعيون، ومنها أنه كان يأمر الولاة والعمال أن يدخلوا بلادهم نهارًا إذا رجعوا من ولاياتهم ليظهر معهم ما حملوه في عودتهم ويتصل نبأه بالحراس والأرصاد الذين يقيمهم على ملاقي الطريق.

<<  <   >  >>