للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستثناء لانقطاع نفسه، أو لبلع ريق أو سعال وما أشبهه وإلى هذا ذهب عامة أهل العلم).

ولا يشكل عليه إلا ما روى عن ابن عباس - رضي الله عنهما - وبعض التابعين من القول بالجواز، وسوف نعرض - بإذن الله - لقول ابن عباس وتوجيهه بإذن الله تعالى وأدلة الجمهور باختصار، فالله المستعان.

أدلة الجمهور:

١ - قال ابن النجار في شرح الكوكب (٣/ ٣٠١): (واستدل للمذهب الصحيح الذي في المتن بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه؛ وليأت الذي هو خير" (١) ولم يقل: أو ليستثن).

٢ - قال المرداوي في "التحبير" (٦/ ٢٥٦٣): (وكذلك لما أرشد الله - أيوب - عليه الصلاة والسلام - بقوله: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ) [ص: ٤٤] جعل طريق بره ذلك، ولو كان الاستثناء المتراخي يحصل به البر لما جعل الله تعالى له الوسيلة إلى البر ذلك. وفي ' تاريخ بغداد ' لابن النجار أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أراد الخروج مرة من بغداد فاجتاز في بعض الطريق وإذا برجل على رأسه سلة فيها بقل وهو يقول لآخر: مذهب ابن عباس في تراخي الاستثناء غير صحيح، ولو صح لما قال الله تعالى لأيوب عليه السلام: (وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ)، بل كان يقول له: استثن، ولا حاجة إلى التوسل إلى البر بذلك، فقال الشيخ أبو إسحاق: بلدة فيها رجل يحمل البقل يرد على ابن عباس لا تستحق أن يخرج منها. انتهى) (٢).

٣ - قال الزركشي في "البحر المحيط" (٢/ ٤٣٠): (ومثله احتجاج بعضهم بقوله تعالى: (وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ) [المائدة: ٨٩] فلو جاز الاستثناء من غير شرط الاتصال لم يكن لشرع الكفارة وإيجابها معنى لأنه كان يستثنى).

٤ - وقد استدل الكلوذاني بأدلة من اللغة وأدلة عقلية فقال في "التمهيد" (٢/ ٧٤): (والحجة في ذلك أن الاستثناء لغة وقد بينت أنه غير مستعمل في عرف اللغة وذلك


(١) رواه مسلم.
(٢) انظر: المسودة (ص/١٣٦)، أصول ابن مفلح (٣/ ٩٠١)

<<  <   >  >>