للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأيضا فإن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - دليل قاطع في حق من شافهه به، كما أن الإجماع في نفسه قاطع، ثم إن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا نقل آحادا، كان حجة ; كذلك الإجماع إذا نقل آحادا، كان حجة، ولا فرق ... ) (١).

[الثالث - لا يختص انعقاد الإجماع بالصحابة]

انعقاد الإجماع لا يختص بالصحابة لشمول الأدلة التي سبق وأن سقتها في بيان حجية الإجماع للصحابة وغيرهم.

قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (٣/ ٤٧): (لا يختص الإجماع بالصحابة، بل إجماع كل عصر حجة، خلافا لداود، وعن أحمد مثله».

قال الشيخ أبو محمد: وقد أومأ أحمد إلى نحو من قوله، يعني قول داود.

قال الآمدي: ذهب أهل الظاهر، وأحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه إلى أن الإجماع المحتج به مختص بالصحابة - رضي الله عنهم -، وذهب الباقون إلى أن إجماع أهل كل عصر حجة، وهو المختار.

قلت: المشهور من مذهب أحمد ما حكيناه أولا كقول الأكثرين.

قوله: «لنا: المؤمنون» إلى آخره، أي: لنا على أن إجماع كل عصر حجة وجهان:

أحدهما: أن دليل السمع متناول لأهل كل عصر، وصادق عليهم، فيكون إجماعهم حجة.

أما الأول فلأن قوله - عز وجل -: (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) [النساء: ١١٥]، وقوله - عليه الصلاة والسلام -: (ما رآه المسلمون حسنا .. ) (٢) و (يد الله على الجماعة) «صادق على أهل كل عصر» إذ تصح تسميتهم مؤمنين ومسلمين، وجماعة تعريفا وتنكيرا.


(١) انظر: روضة الناظر (ص/ ١٥٤)، إرشاد الفحول (١/ ١٦١)، الإبهاج (٢/ ٣٩٤)، الإحكام للآمدي (١/ ٣٤٣)، البحر المحيط (٦/ ٤٨٧)، وغيرها.
(٢) ضعيف مرفوعا، حسن موقوفا.

<<  <   >  >>