للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونصره الباقلاني، والغزالي، والآمدي، والرازي. وأخذت هذه الرواية عن أحمد من قوله عن قضاء رمضان: يفرق، قال الله تعالى: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [البقرة: ١٨٤] ... ).

والراجح أنه للفور.

قال الشيخ العثيمين - رحمه الله - في "الأصول" (ص/٢٥): (ومن الأدلة على أنه للفور قوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) [البقرة: ١٤٨] والمأمورات الشرعية خير، والأمر بالاستباق إليها دليل على وجوب المبادرة.

ولأن النبي صلّى الله عليه وسلّم كره تأخير الناس ما أمرهم به من النحر والحلق يوم الحديبية، حتى دخل على أم سلمة رضي الله عنها فذكر لها ما لقي من الناس.

ولأن المبادرة بالفعل أحوط وأبرأ، والتأخير له آفات، ويقتضي تراكم الواجبات حتى يعجز عنها) (١).

[خروج الأمر عن الإيجاب للندب لقرينة]

سبق تعريف الإيجاب وهو (أمر الشارع على وجه الإلزام) والندب وهو (أمر الشارع لا على وجه الإلزام) والمقصود بيان أنه قد تأتي قرينة أو دليل يبين أن الأمر ليس على سبيل الإلزام.

مثال: قوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ) [البقرة: ٢٨٢] فالأمر بالإشهاد على التبايع للندب، والدليل الصارف هو قوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [البقرة: ٢٨٣]. وفي مسائل الإمام أحمد (٢/ ١١) مسألة رقم (١٨٠٧): (قُلْتُ - والقائل هو إسحاق بن منصور صاحب المسائل -: قول اللهِ عزَّ وجلَّ (وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ [البقرة: ٢٨٢] إِذا بَاع بَالنقدِ أَيُشهدُ أمْ لا؟ قَالَ: إِنْ أشْهدَ فلا بأسَ، وإِنْ لمْ يشهدْ فلا بأسَ لقولِ الله سُبحانَهُ وتعالىَ: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا).

مثال آخر له تعلق بهذا المثال ويوضحه، فآية الدين والآية التالية لها بينتا أن توثيق الدين له طرق منها: الكتاب، والرهن، والإشهاد.


(١) وانظر: أضواء البيان (٤/ ٣٣٨).

<<  <   >  >>