للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ثبت بما ذكرناه أن الظلم لا يطلق على الكافر فقط، بل يطلق على الكافر وعلى المذنب من المؤمنين، وإنما يدرك الفرق بينهما بما يذكر من أوصافهما وقرائن أحوالهما.

واندرأ بذلك قول من قال إنه الكافر بكون الله تعالى أطلق الظلم عليه.

ومن قال من المفسرين إنه المنافق لا فرق بينه وبين من قال إنه الكافر، لأن المنافق كافر.

وإذا اندرأ ذلك لم يبق إلا قول من قال إن الظالم لنفسه هو صاحب الكبائر الذي مات ولم يتب منها.

والدليل على صحة هذا القول ثلاثة أمور:

أحدها: إن الله تعالى جعل الظالم لنفسه ممن اصطفاه وأورثه الكتاب بقوله: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: ٣٢]، ثم قال على وجه التقسيم لهم: فمنهم، ومنهم، ومنهم.

فكما تناول الاصطفاء المقتصد والسابق كذلك تناول الظالم لنفسه، ولا فرق، وكيف لا يتناوله ذلك، وهو مؤمن بربه، وقد عمل الصالحات لكونه (١) يفعل الطاعات أو بعضها، (ولو كان كافرا لم يتناوله الاصطفاء أصلا) (٢).

الثاني: قوله تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا} [الرعد: ٢٣] فأعاد الضمير على الثلاثة المذكورين، ولا يصح إعادته على البعض دون البعض، ومن فعل ذلك كان متحكما.


(١) في (ب): بكونه.
(٢) ليست في (ب)، وكتبت في هامش (أ)، وعليها علامة التصحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>