للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه الثاني من الجواب: (ق.٤٢.ب)

إن عرض الشفاعة على الأنبياء تشريف لنبينا - عليه السلام -، إذ لو قُذف في قلوب البشر يومئذ أن الرسول محمدا - عليه السلام - هو صاحب ذلك المقام ووصلوا إليه فشفع لهم، لم يقع ذلك من نفوسهم الموقع الذي يقع منهم إذا تدافعها الأنبياء وأحال بعضهم بها (١) على بعض، حتى ينتهي الحال فيها آخرا إلى محمد - عليه السلام -.

والأنبياء صلوات الله عليهم لا يخلو حالهم في إحالة بعضهم على بعض من أن يكون عندهم علم بالشفاعة أو لا يكون:

فإن كان عندهم علم بها في الدنيا فيُنزل حالهم على أن يكون لهم ذهول هنالك كما يكون لغيرهم.

وإن لم يكن لهم علم بذلك فيكون كل واحد منهم يحيل على من كان بعده من أولي العزم من الرسل معتقدا أن له فضيلة عند الله تعالى من غير خطيئة، إذ يعتقد في نفسه قصوره عنها لأجل الخطيئة التي كانت له في الدنيا وبراءة ساحة الرسول الذي يحيل عليه بها عنده.

ويحصل بمجموع ذلك ما ذخره الله تعالى لنبيه محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في الشفاعة بعد تدافع الأنبياء لها على معرفة من بني آدم كلهم مؤمنهم وكافرهم، شقيهم وسعيدهم، صغيرهم وكبيرهم، ولله على ذلك الحمد والمنة.


(١) في (ب): فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>