للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ثم إن الحميدي أجاب عن تلك الأقسام كلها بجواب واحد، وهو أن الأكثر شرا يدخل النار قبل الأقل شرا ليكون خروجهما معا إذا كانا في الخير متساويين، وإن دخلا معا فيزاد في عذاب الأكثر شرا ولابد، وإن كانا في الخير متفاضلين، فيسبق الأكثر خيرا في الخروج من النار.

ويلزم أن يسبق الأكثر شرا في الدخول فيها على هذه القاعدة هو (١) مدار كلامه، وهو يضاهي كلام من يقول بإنفاذ الوعيد (٢).

وقد مضى الكلام على هذا المعنى، وقلنا: إن الذي قاله يجوز أن يكون، ويجوز عكسه، ويجوز العفو ابتداءا، ويجوز أن يخرج المذنبون من النار أو بعضهم قبل استيفاء القصاص منهم، وهذا هو معنى الشفاعة، إذ لا يعقل منها إلا إخراج المذنب من الذنب الذي عليه ومن تباعته، ومن عقوبة السلطان له قبل أن يوقعها به.

ثم يلزم الحميدي في هذه الأقسام كلها إلزام واحد، وهو أن يقدر الزمن الذي يدخل فيه الأكثر شرا قبل الأقل شرا، ويقدر الشرين حتى يعلم هل يزيد أحدهما على الآخر النصف أو السدس أو الربع فيجعل نسبة ذلك


(١) في (ب): هي.
(٢) وهم الخوارج والمعتزلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>