للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، فعده نوح على نفسه ذنبا، حتى قيل عنه في بعض الروايات في حديث الشفاعة: ويذكر سؤاله ربه ما ليس له به علم (١).

فإن قيل: إنما أخذ على نوح في هذا لكونه قد أوحي إليه: {أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ} [هود: ٣٦] ولكونه قد قيل له: {احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} ... [هود: ٤٠].

قلنا: أما الآية الأولى فيمكن أن يكون نوح - عليه السلام - يحملها حينئذ على قومه الذين هم قبله لا على أهله الأدنَين إليه.

وأما الثانية: وهو قوله: {وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} [هود: ٤٠] فيحتمل أن يكون نوح يصرف (٢) الاستثناء في الآية إلى امرأته، فيعرف أنها هي التي سبق عليها القول، لكونها كافرة به مكذبة له مشلية (٣) غيرها على إذايته، ويعلم نوح أنه لا يدخل معه في السفينة إلا من هو مؤمن لقوله: {قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} [هود: ٤٠].

فقوله: {وَمَنْ آمَنَ} معطوف على {وَأَهْلَكَ}.


(١) رواه البخاري (٤٢٠٦) وغيره عن أنس.
(٢) في (ب): صرف.
(٣) الإشلاء: الدعاء، كما في الصحاح (٦/ ٣٧٣)، ومعناه هنا: دعوة غيرها وتحريضهم على إذايته.

<<  <  ج: ص:  >  >>