للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يبعد أن يكون في الجانب الآخر سيئات وكبائر، ومع ذلك يثقل الميزان ويرجح الوزن لكثرة الطاعات.

وهذا هو الغالب على البشر فقد قال النبي - عليه السلام -: لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيغفر لهم (١).

وعلى رأي ذلك القائل يلزم أن يكون قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [القارعة: ٦ - ٧] منزلا على فضلاء الأمة الذين لا تكون في صحائفهم كبيرة أصلا إما لاجتنابهم لها، وإما لتوبتهم منها، وذلك تضييق لرحمة الله الواسعة.

بل نكتفي بوعد الله الصادق ونُبقي الآية على ظاهرها في فلاح من ثقلت موازينه وكونه في عيشة راضية، ولا نبالي ما كان في الميزان بعد أن يرجح جانب الحسنات، (ولا نشترط إلا القبول لها فقط، فإذا رجحت دل ذلك على قبولها، إذ رجحان الحسنات) (٢) لا يتصور إلا بعد أن تكون هي مقبولة لا محالة: هذا هو المفهوم من قواعد الشرع.

ومن الدليل على ذلك أن أهل الأعراف الذين استوت حسناتهم وسيئاتهم لا يعذبون، ولاشك أن في سيئاتهم الكبائر، إذ لو لم تكن لرحجت الحسنات، لكون الصغائر لا تأثير لها معها فعلمنا بذلك أن الله تعالى لا يجازي بالنار على الكبائر إلا إذا فضلت في الموازنة على الحسنات فيعذب (ق.٦٧.أ) على الفاضل منها فقط، ولو أنه سبحانه يعذب كل مؤمن على كل


(١) تقدم.
(٢) ما بين القوسين سقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>