للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاحتمال الثاني أن يكون الشهداء هاهنا بمنزلة قوله: {لِّتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} [البقرة ١٤٣].

والأول أظهر.

وهكذا فعل النبي - عليه السلام - إذ صعد الجبل هو وأبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فإنه قال: «اثبت أحد، فما عليك إلا نبي وصديق وشهيد» (١)، فقدم الصديق على الشهيد في اللفظ، كما هو مقدم عليه في المعنى، إذ مقام أبي بكر فوق مقام عمر وعثمان بلا إشكال.

ومما يدل على شرف مقام الصديقين وعظم قدر من اتصف بالصديقية أن لفظ الصديق ورد في مدح الأنبياء عليهم السلام، ووصفوا به على جهة الثناء عليهم، قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيم َ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً} [مريم: ٤١]، وقال: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّاً} [مريم: ٥٦]، وقال سبحانه: {يُُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} [يوسف: ٤٦]. وقال: في مريم عليها السلام: {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَة} [المائدة: ٧٥].

ولا يخفي على من عنده (أدنى) (٢) شيء من العلم أن مقام إبراهيم صلوات الله عليه -وقد وصفه الله تعالى بالصديقية والنبوة- فوق مقام زكريا وابنه يحيى عليهما السلام، وقد جمع الله لهما النبوة والشهادة.


(١) رواه البخاري (٣٤٨٣) والترمذي (٣٦٩٧) عن قتادة عن أنس.
(٢) ما بين القوسين سقط من (ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>