للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الصنف هم أهل القسم الثالث الذين عبدوا الأوثان واخترعوا الأحكام على ما قدمنا من أمرهم, غير أن المسعودي قال فيهم: إنهم أقروا بالبعث والإعادة، ولا يبعد أن يكون فيهم من يقر بذلك، فقد قال زهير (١) في الجاهلية:

فلا تكتمن الله ما في نفوسكم ... ليخفى ومهما يكتم الله يعلم

يؤخر فيوضع في كتاب فيدخر ... ليوم الحساب أو يعجل فينقم

وأما أن يكون هذا الصنف كلهم يقرون بالبعث والإعادة فلا, بل أكثرهم لا يقرون بذلك ولا يعترفون به، وقد صح في الحديث عن خباب بن الأرت أنه كان له دَيْن على العاصي بن وائل فأتاه ليتقاضاه منه فقال له: لن أقضيك حتى تكفر بمحمد فقال (٢) له: لن أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث قال: وإني لمبعوث من بعد الموت فسوف أقضيك إذا رجعت إلى مال وولد، فأنزل الله تعالى فيه: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَالَ لَأُوتَيَنَّ مَالاً وَوَلَداً} [مريم: ٧٧] الآية (٣).

فهذا العاصي بن وائل كافر بالبعث.

وهو الذي يظهر من قريش في أقوالهم, فقد جاء في التفسير أن أبي بن خلف أو أمية بن خلف أتى النبي - عليه السلام - بعظم نخر ففته (٤) بيده, وقال له: أتزعم


(١) هو زهير بن أبي سلمى، ترجمته في طبقات الشعراء لابن قتيبة (٦١) وغيرها.
(٢) في (ب): قال.
(٣) تقدم.
(٤) في (ب): ففتته.

<<  <  ج: ص:  >  >>