للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واللغة لا تعضد واحدا من هذين القولين، لأنه لا يوجد في اللغة، عبد بمعنى: أمر بالعبادة، ولا بمعنى: استعبد، هذا إن لو كان الفعل في قوله: {لِيَعْبُدُونِ} منسوبا إلى الله تعالى، وإنما هو منسوب إلى المخلوقين، فكيف يصح أن يقال: عبد الرجل: إذا أمره غيره بالعبادة، أو عبد: إذا استعبده غيره، وإنما يوجد في اللغة (١): عبد الرجل الإله: إذا ألزم نفسه العبادة، وكذلك عابد الوثن أيضا.

ويقال: عبِد الرجل من الشيء (بكسر الباء): إذا أنف منه (٢)، وقد قيل ذلك في قول الله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} [الزخرف: ٨١] أي: الآنفين من ذلك المعتقدين بطلانه (٣).

وقال بعض أهل اللغة: لا يقال من الأنفة في اسم الفاعل إلا عبد لا عابد. وهذا هو القياس، وحكى ابن قتيبة في غريب القرآن (٤) أنه يقال من الأنفة: عبدت من كذا أعبد عبدا، فأنا عبد وعابد.


(١) عبد يعبد عبادة وعبودية، وهي الخضوع والتذلل والطاعة، ومنه طريق معبد، وبعير معبد أي سهل ذليل.
والتعبد التنسك، تقول نسك ينسك نسكا أي عبد، وزنا ومعنى.
انظر الصحاح (٢/ ١٠٠ - ١٠١) واللسان (٣/ ٢٧٢ - ٢٧٣).
(٢) لسان العرب (٩/ ١٣).
(٣) قاله البخاري (٤/ ١٨٢١) وحكاه ابن كثير (٤/ ١٣٦) عن سفيان الثوري.
وراجع تفسير القرطبي (١٦/ ١١٩) والفتح لابن حجر (٨/ ٥٦٩).
(٤) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة (٤٠١).

<<  <  ج: ص:  >  >>