للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم حُسن ذلك الثواب يرجع بعد حصوله إلى أمرين:

أحدهما: دوام السرور به وكونه لاانقطاع له.

والثاني: كونه لا نصب فيه ولا حزن ولا شيء يشوش الأنس به والفرح بوجوده.

وقد نبه الله تعالى على هذين المعنيين بقوله: {لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ} [احجر: ٤٨]، بعدما أخبر عن أهل ذلك بأنهم في جنات وعيون وأنهم آمنون من غير (١) غل يكون من بعضهم لبعض.

وأما ثواب الدنيا وهو النصر لهم والفتح عليهم في أعدائهم فهو مترتب (٢) على القتال.

والقتال لا بد فيه من قتل النفوس وذهاب الأموال ولو لم يكن في ذلك إلا نفس الصبر على الجلاد في المعركة لكان كافيا، فإن الصبر فيه كلفة ومشقة في الجملة من حيث هو قسر للنفوس وحبس لها عن هواها، وأما في الحرب فهو أصعب لا محالة، وإنما يسهله نور الإيمان الذي يستضيء به القلب حتى يعلم المجاهد يقينا أن الآخرة خير وأبقى، فيقدم في ذلك على بصيرة من الرجاء لما عند الله سبحانه.

فلأجل ما يتقدم ثواب الدنيا، وهو النصر من المشقة التي تلحق المؤمنين من القتال والصبر عليه، لم يصفه الله تعالى بالحسن، وذكر الحسن في ثواب الآخرة حيث هو الحسن على الإطلاق.


(١) كذا في (أ)، وفي (ب): من كل.
(٢) كذا في (أ)، وفي (ب): مرتب.

<<  <  ج: ص:  >  >>