للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذ لم ينص تعالى على أنهم في الجنة، وإنما قال: إنهم {أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون} [آل عمران: ١٦٩]، فكما يحتمل أن يكونوا أحياء عند ربهم في الجنة يحتمل أن يكونوا في غير الجنة، بدليل قوله: {يُرْزَقُون}، فإنه إنما يصرف إلى رزق معنوي دون الرزق المحسوس الذي هو الطعام والشراب، فإن ذلك يحتاج إلى تركيب جسم، ولا يصح إعادة الروح إلى الجسم على وجه البقاء إلا بعد النشور.

وهذا الذي نقوله ينبغي لمن وقف عليه أن يعذرنا فيه، فإن كلامنا إنما هو مع من هو ظاهري، يطلب النصوص بزعمه، ويقف عندها، فنحن نطالبه بذلك ولا نتركه يقحم في النصوص ما ليس منها، وإلا فنحن نسلم أن للشهداء مزية على غيرهم.

وقوله: (وكذلك جاء النص في الشهداء من طريق ابن مسعود وغيره) يحتاج إلى تأمل وهو لم يذكر الحديث. وحديث ابن مسعود ذكره مسلم عن مسروق قال: سألنا عبد الله عن هذه الآية: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون} [آل عمران: ١٦٩] فقال: "أما إنا قد سألنا عن ذلك فقال: إن أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح في الجنة حيث شاءت، ثم تأوي إلى تلك القناديل". (١)


(١) رواه مسلم (١٨٨٧) والترمذي (٣٠١١) وابن ماجه (٢٨٠١) والدارمي (٢٣٢١) والبيهقي (٩/ ١٦٣) وابن أبي شيبة (٤/ ٥٧٣) وعبد الرزاق (٥/ ٢٦٣) والطيالسي (٢٩١). ... =
= ورواه أبو داود (٢٥٢٠) وأحمد (١/ ٢٦٥) والحاكم (٢/ ٩٧ - ٣٢٥) والبيهقي (٩/ ١٦٣) وأبو يعلى (٤/ ٢١٩) من طريق ابن إسحاق عن إسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وصرح ابن إسحاق عند أحمد, لكن سقط من سنده سعيد بن جبير.
والحديث صححه المنذري (٢/ ٢١٣).
وللحديث طريق آخر, فخرجه عبد الرزاق (٥/ ٢٦٤) عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك قال قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

<<  <  ج: ص:  >  >>