للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[المسألة الثالثة: آنية الكفار]

الأصل في آنية الكفار الحل، إلا إذا عُلمت نجاستها، فإنه لا يجوز استعمالها إلا بعد غسلها؛ لحديث أبي ثعلبة الخشني قال: قلت يا رسول الله إنا بأرض قوم أهل كتاب، أفنأكل في آنيتهم؟ قال: (لا تأكلوا فيها إلا أن لا تجدوا غيرها فاغسلوها، ثم كلوا فيها) (١).

وأما إذا لم تُعلم نجاستها بأن يكون أهلها غير معروفين بمباشرة النجاسة، فإنه يجوز استعمالها؛ لأنه ثبت أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأصحابه أخذوا الماء للوضوء من مَزَادة امرأة مشركة (٢)، ولأن الله سبحانه قد أباح لنا طعام أهل الكتاب، وقد يقدِّمونه إلينا في أوانيهم، كما دعا غلام يهودي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على خبز شعير وإهالَة سَنِخَة فأكل منها (٣).

[المسألة الرابعة: الطهارة في الآنية المتخذة من جلود الميتة]

جلد الميتة إذا دبغ طهر وجاز استعماله لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أيما إهاب (٤) دبغ فقد طهر) (٥). ولأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرّ على شاة ميتة فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (هلَّا أخذوا إهابها فدبغوه فانتفعوا به)؟ فقالوا: إنها ميتة. قال: (فإنما حَرُمَ أكلُهَا) (٦). وهذا فيما إذا كانت الميتة مما تحلها الذكاة وإلا فلا.

أما شعرها فهو طاهر -أي شعر الميتة المباحة الأكل في حال الحياة- وأما اللحم فإنه نجس، ومحرم أكله. لقوله تعالى: (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ) [الأنعام: ١٤٥].


(١) رواه البخاري برقم (٥٤٧٨)، ومسلم برقم (١٩٣٠).
(٢) رواه البخاري في كتاب التيمم باب الصعيد الطيب رقم (٣٤٤) ومسلم كتاب المساجد باب قضاء الصلاة الفائتة برقم (٦٨٢)، والمزادة: قربة كبيرة يزاد فيها جلد من غيرها.
(٣) أخرجه أحمد (٣/ ٢١٠، ٢١١). وصححه الألباني في الإرواء (١/ ٧١) والإهالة: الشحم والزيت. والسنخة: المتغيرة الريح.
(٤) الإهاب: الجلد قبل أن يدبغ.
(٥) رواه الترمذي برقم (١٦٥٠)، ومسلم برقم (٣٦٦) بلفظ: (إذا دبغ الإهاب فقد طهر) من حديث ابن عباس.
(٦) رواه مسلم برقم (٣٦٣)، وابن ماجه برقم (٣٦١٠).