للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٩ - من الصور المعاصرة للوديعة: الودائع المصرفية، وهي ما يقوم به الأفراد من إيداع مبالغ نقدية في البنوك، إلى أجل محدد أو مطلقاً، ويقوم البنك بالتصرف في هذه المبالغ، ويدفع لصاحبها فائدة مالية ثابتة، وهذه تصير في معنى القرض، من حيث تملُّك البنك لعينها، وتعلقها بذمته، وتعهده برد مثلها عند المطالبة، وهي بهذه الصورة من الربا المحرم، فليحذر المسلمون من الوقوع فيه. أما الودائع التي لا يتقاضى صاحبها عليها فائدة، كالذي يعرف اليوم بالحساب الجاري، فلا شيء فيه، لأنه لم يأخذ زيادة على أصل ماله. أما إذا ألزم الشخص بقبض الزيادة، وكان مضطراً إلى الإيداع في مثل هذه البنوك بحيث يلحقه ضرر محقق بترك ذلك، فإنه يقبض هذه الزيادة، وينفقها في مصالح المسلمين العامة.

[المسألة الرابعة: في الإتلافات]

يحرم الاعتداء على أموال الناس، وأخذها بغير حق، ومن اعتدى على مال غيره فأتلفه، وكان هذا المال محترماً، فإنه يجب عليه الضمان، وكذلك من تسبب في إتلاف مال غيره، بحل قيد، أو بفتح باب أو نحو ذلك.

وإذا كان له مواش وجب عليه حفظها في الليل، من إفساد زروع الناس أو إفساد أنفسهم، فإن أهملها وحصل الفساد ضمن؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قضى أن على أهل الأموال حفظها بالنهار، وأهل المواشي حفظها بالليل، وما أفسدت بالليل فإنه مضمون عليهم؛ لأن أموال المسلمين وأرواحهم محترمة، فيحرم التعدي عليها، أو التسبب في إفسادها أو هلاكها.

والصّائِلُ (١) من الإنسان أو الحيوان، إذا لم يندفع إلا بالقتل، فقتله، فلا ضمان عليه؛ لأنه قتله دفاعاً عن نفسه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من أريد ماله بغير حقٍّ، فقاتلَ، فقتل، فهو شهيد) (٢).


(١) الصائل من الإنسان: هو الذي يسطو على غيره عادياً، يريد نفسه، أو عرضه، أو ماله.
(٢) أخرجه الترمذي برقم (١٤٢٠)، وقال: حديث حسن صحيح، وابن ماجه برقم (٢٥٨٢)، وحسَّن
البوصيري إسناده في "الزوائد"، وصححه الشيخ الألباني (صحيح الترمذي برقم ١١٤٧).