للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع الخوف فمع الأمن أولى.

ومن السنة: حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما، ولو حبواً، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً يصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار) (١)، فدلَّ الحديث على وجوب صلاة الجماعة، وذلك لأنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أولاً: وصف المتخلفين عنها بالنفاق، والمتخلف عن السنة لا يعد منافقاً، فدل على أنهم تخلفوا عن واجب. ثانياً: أنه هَم بعقوبتهم على التخلف عنها، والعقوبة إنما تكون على ترك واجب، وإنما منعه من تنفيذ العقوبة أنه لا يعاقب بالنار إلا الله عز وجل. وقيل: منعه من ذلك مَنْ في البيوت من النساء والذرية الذين لا تجب عليهم صلاة الجماعة.

ومنها: أن رجلا كفيف البصر ليس له قائد، استأذن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يصلي في بيته فقال: (أتسمع النداء؟). قال: نعم. قال: (أجب لا أجد لك رخصة) (٢)، ولقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (من سمع النداء فلم يجب، فلا صلاة له إلا من عذر) (٣)، ولقول ابن مسعود - رضي الله عنه -: (لقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق) (٤).

وهي واجبة على الرجال دون النساء والصبيان غير البالغين، لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حق النساء: (وبيوتهن خير لهن) (٥). ولا مانع من حضور النساء الجماعة في المسجد، مع التستر والصيانة وأمن الفتنة، بإذن الزوج. وتجب الجماعة في


(١) متفق عليه: رواه البخاري برقم (٦٤٤)، ومسلم برقم (٦٥١).
(٢) رواه مسلم برقم (٦٥٣).
(٣) أخرجه أبو داود برقم (٥٥١)، وابن ماجه برقم (٧٩٣)، والحاكم (١/ ٢٤٥). وصححه الحاكم على شرط الشيخين، وصححه الألباني (صحيح ابن ماجه رقم (٦٤٥).
(٤) رواه مسلم برقم (٦٥٤).
(٥) أخرجه أبو داود برقم (٥٦٧)، وأحمد (٢/ ٧٦)، والحاكم (١/ ٢٠٩)، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي وصححه الألباني (الإرواء برقم ٥١٥).